وَقَالَ ابْن عَيَّاش كَانَت لعمر مرقاتان يرقى من صحن دَاره إِلَى قَعْر بَيته عَلَيْهِمَا فانقلعت إِحْدَى المرقاتين فَأَتَاهَا رجل من أهل بَيته فأصلحها كَرَاهِيَة أَن يشق على عمر فَلَمَّا جَاءَ عمر وَنظر إِلَيْهَا قَالَ من صنع هَذَا قَالُوا فلَان قَالَ عَليّ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ وَيحك يَا فلَان أنفست على عمر أَن يخرج من الدُّنْيَا وَلم يضع لبنة على لبنة وَالله لَوْلَا أَن يكون فَسَاد بعد إصْلَاح لغيرتها إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ ضن عمر بِالْمَالِ إِلَّا على الْفُقَرَاء والمحتاجين
وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز لعنبسة بن سعيد وَسَأَلَهُ حَاجَة يَا عَنْبَسَة إِن كَانَ مَالك الَّذِي أصبح عنْدك حَلَالا فَهُوَ كافيك وَإِن كَانَ حَرَامًا فَلَا تزيدن إِلَيْهِ حَرَامًا أَلا تُخبرنِي أمحتاج أَنْت قَالَ لَا قَالَ أفعليك دين قَالَ لَا قَالَ أفتأمرني أَن أعمد الى مَال الله فأعطيكه من غير حَاجَة بك إِلَيْهِ وأدع فُقَرَاء الْمُسلمين لَو كنت غارما أدّيت غرمك أَو مُحْتَاجا أمرت لَك بِمَا يصلحك فَعَلَيْك بِمَالك الَّذِي عنْدك فكله وَاتَّقِ الله وَانْظُر أَولا من أَيْن جمعته وَانْظُر
دخل الأنباط فَقَالَ لَهُم عمر مَاذَا أعددتم لأميركم فِي نزله لمسيره إِلَيّ قَالُوا وَهل قدم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ مَا علمْتُم بِهِ قَالُوا لَا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأقبل عمر بِوَجْهِهِ على الْوَلِيد فَقَالَ يَا وليد إِن رجلا ملك قنسرين وأرضها خرج يسير فِي سُلْطَانه وأرضه حَتَّى انْتهى إِلَيّ لَا يعلم بِهِ أحد وَلَا ينفر أحدا وَلَا يروعه لخليق أَن يكون متواضعا عفيفا قَالَ الْوَلِيد أجل وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه لعفيف وَأَنِّي لَهُ لظَالِم وَأَسْتَغْفِر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فَقَالَ عمر مَا أحسن الإعتراف وَأبين فَضله على الْإِصْرَار وردهما عمر على عملهما فَكتب إِلَيْهِ الْوَلِيد وَكَانَ مرائيا خديعة مِنْهُ لعمر وتزينا بِمَا هُوَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِنِّي قدرت نفقتي لشهر فَوَجَدتهَا كذاوكذا درهما ورزقي يزِيد على مَا أحتاج إِلَيْهِ فَإِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يحط فضل ذَلِك فَقَالَ عمر أَرَادَ الْوَلِيد أَن يتزين عندنَا بِمَا لَا أَظُنهُ عَلَيْهِ وَلَو كنت عازلا أحدا على ظن لعزلته ثمَّ أَمر بحط رزقه الى الَّذِي سَأَلَهُ ثمَّ أَمر بِالْكتاب إِلَى يزِيد بن عبد الْملك وَهُوَ ولي عَهده إِن الْوَلِيد بن هِشَام كتب إِلَيّ كتابا أَكثر ظَنِّي أَنه تزين بِمَا لَيْسَ هُوَ عَلَيْهِ وَلَو أمضيت شَيْئا على ظَنِّي مَا عمل لي أبدا وَلَكِنِّي آخذ بِالظَّاهِرِ وَعند الله علم الغيوب فَأَنا أقسم عَلَيْك إِن حدث بِي حَادث وأفضى هَذَا الْأَمر إِلَيْك فسألك أَن ترد إِلَيْهِ رزقه وَذكر أَنِّي نقصته فَلَا يظفر مِنْك بِهَذَا أبدا فَإِنَّمَا خَادع بِهِ الله وَالله خادعه فَلَمَّا مَاتَ عمر واستخلف يزِيد كتب إِلَيْهِ الْوَلِيد إِن عمر نقصني وظلمني فَغَضب يزِيد وَبعث إِلَيْهِ فَعَزله وأغرمه كل رزق جرى عَلَيْهِ فِي ولَايَة عمر وَيزِيد كلهَا فَلم يل لَهُ عملا حَتَّى هلك
أَقْوَال عمر فِي الْخُلَفَاء الثَّلَاثَة قبله
وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن عبد الْملك دخلت على عمر بن عبد الْعَزِيز وَعِنْده مولى لَهُ يُقَال لَهُ مُزَاحم وَهُوَ جَالس على حشيه وسَادَة خشنة فَلَمَّا رَآنِي قَالَ ادن يَا عبد الرَّحْمَن فَأخذ بيَدي وأقعدني مَعَه على حشيته ثمَّ قَالَ