responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء - ط الرسالة نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 267
فَمَا وَجَدُوا فِي شَبَابِ بَنِي أُمَيَّةَ مَنْ يَصلُحُ لِلأَمْرِ إِلاَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ، فَبَايَعُوْهُ، وَطَلَبَ مِنْهُمُ المَالَ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَطَلَبَ العُدَدَ فَلَمْ يَجِدْهَا، فَلَمْ يَزَلِ السَّعْدُ يَخدِمُهُ إِلَى أَنْ سَارَ بِنَفْسِهِ لابْنِ حَفْصُوْنَ، فَوَجَدَه مُجْتَازاً لِوَادِي التُّفَّاحِ، وَمَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ - كَذَا نَقَلَ: اليَسَعُ، وَمَا أَحْسِبُ أَنَّ ابْنَ حَفْصُوْنَ بَقِيَ إِلَى هَذَا التَّارِيْخِ -.
قَالَ: فَهَزَمَه، وَأُفلِتَ ابْنُ حَفْصُونَ فِي نَفَرٍ يَسِيْرٍ، فَتَحَصَّنَ بِحِصْنِ مُبَشّرٍ.
وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَغْزُو حَتَّى أَقَامَ العِوَجَ، وَمَهَّدَ البِلاَدَ، وَوَضَعَ العَدْلَ، وَكَثُرَ الأَمْنُ، ثُمَّ بَعَثَ جَيْشاً إِلَى المَغْرِبِ، فَغزَا برْغوَاطَة بِنَاحِيَةِ سَلاَ [1] ، وَلَمْ تَزَلْ كَلِمَتُهُ نَافَذَةً، وَسِجِلْمَاسَةَ [2] ، وَجَمِيْعَ بِلاَدِ القِبْلَةِ، وَقُتِلَ ابْنُ حَفْصُوْنَ.
وَصَارَتِ الأَنْدَلُسُ أَقْوَى مَا كَانَتْ وَأَحْسَنَهَا حَالاً، وَصَفَا وَجْهُهُ لِلرُّوْمِ، وَشَنَّ الغَارَاتِ عَلَى العَدُوِّ، وَغَزَا بِنَفْسِهِ بِلاَدَ الرُّوْمِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَدَوَّخَهُم، وَوَضَعَ عَلَيْهِم الخِرَاجَ، وَدَانَتْ لَهُ مُلُوْكُهَا، فَكَانَ فِيْمَا شَرَطَ عَلَيْهِم اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ يَصْنَعُوْنَ فِي بِنَاءِ الزَّهْرَاءِ الَّتِي أَقَامَهَا لِسُكْنَاهُ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ قُرْطُبَةَ.
وَسَاق إِلَيْهَا أَنْهَاراً، وَنَقَبَ لَهَا الجَبَلَ، وَأَنْشَأَهَا مُدَوَّرَةً، وَعِدَّةُ أَبْرَاجِهَا ثَلاَثُ مائَةِ بُرْجٍ، وَشُرُفَاتُهَا مِنْ حَجَرٍ وَاحِدٍ، وَقَسَّمَهَا أَثْلاَثاً: فَالثُلُثُ المُسْنَدُ إِلَى الجَبَلِ: قُصُوْرُهُ، وَالثُلُثُ الثَّانِي: دُوْرُ المَمَالِيْكِ وَالخَدَمِ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً بِمَنَاطقِ الذَّهَبِ، يَرْكَبُوْنَ لِرُكُوْبِه، وَالثُّلُثُ الثَّالِثُ: بَسَاتِيْنُ تَحْتَ القُصُوْرِ.
وَعَمِلَ مَجْلِساً مُشْرِفاً عَلَى البَسَاتِيْنِ، صَفَّحَ عُمُدَهُ بِالذَّهَبِ، وَرَصَّعَهُ بِاليَاقُوْتِ وَالزُّمُرُّدِ، وَاللُؤْلُؤِ، وَفَرَشَهُ بِمَنْقُوْشِ الرُّخَامِ، وَصَنَعَ قُدَّامَهُ بَحْرَةً مُسْتَدِيرَةً

[1] مدينة المغرب على ساحل المحيط الاطلسي، قرب المعمورة وبقربها برغواطة.
[2] مدينة داخلية في جنوب المغرب بينها وبين فاس عشرة أيام.
نام کتاب : سير أعلام النبلاء - ط الرسالة نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست