responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء - ط الرسالة نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 176
سيِّدَي إِنَّكَ لتغرِّرُ بِخُروجِكَ، وَأَنْتَ أَعْظَمُ الحكَّامِ، وَفِي النَّاسِ المحكومُ عَلَيْهِ وَالرَّقيقُ الدِّينِ، فَقَالَ: يَا أَخِي وَأَنَّى لِي بِمِثْلِ هَذِهِ المنزلَةِ؟ وَأَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ، مَا أَخرجُ تعرُّضاً للتَّغرُّرِ، بَلْ أَخرجُ مُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ إِذْ أَنَا فِي ذِمَّتِهِ.
فَاعلَمْ أَنَّ قَدَرَهُ لاَ محيدَ عَنْهُ، وَلاَ وَزَرَ دُوْنَهُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: قَحطَ النَّاسُ فِي بَعْضِ السِّنينَ آخِرَ مُدَّةِ النَّاصِرِ، فَأَمرَ القَاضِيَ منذرَ بنَ سَعِيْدٍ بِالبُرُوزِ إِلَى الاسْتِسْقَاءِ بِالنَّاسِ، فصَامَ أَيَّاماً وَتَأَهَّبَ، وَاجتمعَ الخلقُ فِي مصلَّى الرَّبَضِ، وَصعِدَ النَّاصِرُ فِي أَعْلَى قَصرِهِ لِيشَاهِدَ الجمعَ، فَأَبطأَ مُنذرٌ، ثُمَّ خَرَجَ رَاجِلاً مُتخشِّعاً، وَقَامَ لِيَخْطُبَ، فَلَمَّا رَأَى الحَالَ بَكَى وَنَشَجَ وَافتَتَحَ خُطْبَتَهُ بِأَنْ قَالَ: سلاَمٌ عليكُمٌ، ثُمَّ سَكَتَ شبهَ الحَسِيرِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ، فَنَظَرَ النَّاسُ بعضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ لاَ يَدْرُوْنَ مَا عَرَاهُ، ثُمَّ انْدَفَعَ، فَقَالَ: {سَلاَمٌ عليكُمٌ، كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} الآيَةِ [الأَنْعَام:54] اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، وَتقرَّبُوا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لَدَيْهِ، فَضَجَّ النَّاسُ بِالبُكَاءِ، وَجَأَرُوا بِالدُّعَاءِ وَالتَّضرُّعِ، وَخَطَبَ فَأَبْلَغَ، فَلَمْ يَنْفَضَّ القَوْمُ حَتَّى نَزَلَ غَيثٌ عَظِيْمٌ.
واسْتَسْقَى مَرَّةً، فَقَالَ يَهْتِفُ بِالخلقِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ} الآيتينِ [فَاطِر:15 - 16] فَهَيَّجَ الخلقَ عَلَى البُكَاءِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَذكُرُ أَنَّ رَسُوْلَ النَّاصِرِ جَاءهُ للاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: هَا أَنَا سَائِرٌ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي يَصْنَعُهُ الخَلِيْفَةُ فِي يَوْمنَا هَذَا؟
فَقَالَ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ أَخْشَعَ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ هَذَا، إِنَّهُ مُنفردٌ بِنَفْسِهِ، لاَبسٌ أَخشنَ الثِّيَابِ، مُفترشٌ التُّرَابَ، قَدْ عَلاَ نَحِيْبُهُ وَاعْتَرَافُهُ بِذُنُوبِهِ، يَقُوْلُ: ربِّ هَذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، أَتُرَاكَ تُعذِّبُ الرَّعِيَّةَ وَأَنْتَ أَحكمُ الحَاكمِينَ وَأَعدلُهُمْ، أَنْ

نام کتاب : سير أعلام النبلاء - ط الرسالة نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست