responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء - ط الرسالة نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 12  صفحه : 90
التَّمَزُّقَ وَلا الوِصَالَ، بَلْ وَلا صَوْمَ الدَّهْرِ، وَدِيْنُ الإِسْلاَمِ يُسْرٌ وَحَنِيْفِيَّةٌ سَمْحَةٌ، فَلْيَأْكُلِ المُسْلِمُ مِنَ الطَّيِّبِ إِذَا أَمْكَنَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطَّلاَقُ: 7] ، وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَى نَبِيِّنَا [1] -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالحَلْوَاءُ وَالعَسَلُ وَالشَّرَابُ الحُلْوُ البَارِدُ وَالمِسْكُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الخَلْقِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ -تَعَالَى-.
ثُمَّ العَابِدُ العَرِيُّ مِنَ العِلْمِ، مَتَى زَهَدَ وَتبتَّلَ وَجَاعَ، وَخَلاَ بِنَفْسِهِ، وَتَرَكَ اللَّحْمَ وَالثِّمَارَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الدُّقَّةِ وَالكِسْرَةِ، صَفَتْ حَوَاسُّهُ وَلَطُفَتْ، وَلاَزَمَتْهُ خَطَرَاتُ النَّفْسِ، وَسَمِعَ خِطَاباً يَتَوَلَّدُ مِنَ الجُوْعِ وَالسَّهَرِ، لاَ وُجُوْدَ لِذَلِكَ الخَطَابِ -وَاللهِ- فِي الخَارِجِ، وَوَلَجَ الشَّيْطَانُ فِي بَاطِنِهِ وَخَرَجَ، فَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ، وَخُوْطِبَ وَارْتَقَى، فَيَتَمَكَّنُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ، وَيُوَسْوِسُ لَهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى المُؤْمِنِيْنَ بِعَيْنِ الازْدِرَاءِ، وَيَتَذَكَّرُ ذُنُوبَهُم، وَيَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ الكَمَالِ، وَرُبَّمَا آلَ بِهِ الأَمْرُ إِلَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ وَلِيٌّ، صَاحِبُ كَرَامَاتٍ وَتَمَكُّنٍ، وَرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ شَكٌّ، وَتَزَلْزَلَ إِيْمَانُهُ.
فَالخَلْوَةُ وَالجُوْعُ أَبُو جَادِ التَّرهُّبِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرِيْعَتِنَا فِي شَيْءٍ.
بَلَى، السُّلُوْكُ الكَامِلُ هُوَ الوَرَعُ فِي القُوْتِ، وَالوَرَعُ فِي المَنْطِقِ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ، وَمُلاَزَمَةُ الذِّكْرِ، وَتَرْكُ مُخَالَطَةِ العَامَّةِ، وَالبُكَاءُ عَلَى الخَطِيْئَةِ، وَالتِّلاَوَةُ بِالتَّرْتِيْلِ وَالتَّدَبُّرِ، وَمَقْتُ النَّفْسِ وَذَمُّهَا فِي ذَاتِ اللهِ، وَالإِكْثَارُ مِنَ الصَّوْمِ المَشْرُوْعِ، وَدَوَامُ التَّهَجُّدِ، وَالتَّوَاضُعُ لِلْمُسْلِمِيْنَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَالسَّمَاحَةُ وَكَثْرَةُ البِشْرِ، وَالإِنْفَاقُ مَعَ الخَصَاصَةِ، وَقَوْلُ الحَقِّ المُرِّ بِرِفْقٍ وَتُؤَدَةٍ، وَالأَمْرُ بِالعُرْفِ، وَالأَخْذُ بِالعَفْوِ، وَالإِعْرَاضُ عَنِ الجَاهِلِيْنَ، وَالرِّبَاطُ بِالثَّغْرِ، وَجِهَادُ العَدُوِّ، وَحَجُّ البَيْتِ، وَتَنَاوُلُ الطَّيِّبَاتِ

[1] أخرج أحمد 2 / 128 و199 و285، والنسائي 7 / 61 من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ". وسنده حسن، وصححه الحاكم 2 / 160، ووافقه الذهبي.
نام کتاب : سير أعلام النبلاء - ط الرسالة نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 12  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست