responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 324
وَعَظَّمُوْهُ، وَقَالَ لَهُم: الْزَمُوا هَذَا الدِّيْنَ وَإِيَّاكُم أَنْ تَفَرَّقُوا وَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الغُلاَمِ خَيْراً، وَقَالَ لِي: يَا غُلاَمُ هَذَا دِيْنُ اللهِ الَّذِي تَسْمَعُنِي أَقُوْلُهُ وَمَا سِوَاهُ الكُفْرُ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ. قَالَ: إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تَكُوْنَ مَعِي، إِنِّي مَا أَخْرُجُ مِنْ كَهْفِي هَذَا إلَّا كُلَّ يَوْمِ أَحَدٍ. قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ. قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا أَبَا فُلاَنٍ! إِنَّ هَذَا لَغُلاَمٌ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ. قَالَ لِي: أَنْتَ أَعْلَمُ. قُلْتُ: فَإِنِّي لاَ أُفَارِقُكَ. فَبَكَى أَصْحَابِي لِفِرَاقِي. فَقَالَ: يَا غُلاَمُ خُذْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مَا يَكْفِيْكَ لِلأَحَدِ الآخَرِ، وَخُذْ مِنَ المَاءِ مَا تَكْتَفِي بِهِ. فَفَعَلْتُهُ، فَمَا رَأَيْتُهُ نَائِماً وَلاَ طَاعِماً إلَّا رَاكِعاً وَسَاجِداً إِلَى الأَحَدِ الآخَرِ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ: خُذْ جَرَّتَكَ هَذِهِ وَانْطَلِقْ فَخَرَجْتُ أَتْبَعُهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ وَإِذَا هُم قَدْ خَرَجُوا مِنْ تِلْكَ الجِبَالِ يَنْتَظِرُوْنَ خُرُوْجَهُ، فَعَدَوْا وَعَادَ فِي حَدِيْثِهِ، وَقَالَ: الْزَمُوا هَذَا الدِّيْنَ وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عِيْسَى كَانَ عَبْداً لِلِّهِ أَنْعَمَ عَلَيْهِ. فَقَالُوا: كَيْفَ وَجَدْتَ هَذَا الغُلاَمَ? فَأَثْنَى عَلَيَّ وَإِذَا خُبْزٌ كَثِيْرٌ وَمَاءٌ كَثِيْرٌ، فَأَخَذُوا مَا يَكْفِيْهِمْ وَفَعَلْتُ، فَتَفَرَّقُوا فِي تِلْكَ الجِبَالِ، وَرَجَعْنَا إِلَى الكَهْفِ فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ، يَخْرُجُ كُلَّ أَحَدٍ وَيَحُفُّوْنَ بِهِ. فَخَرَجَ يَوْماً فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَوَعَظَهُم، ثُمَّ قَالَ: يَا هَؤُلاَءِ إِنَّهُ قَدْ كَبِرَ سِنِّي وَرَقَّ عَظْمِي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي وَإِنَّهُ لاَ عَهْدَ لِي بِهَذَا البَيْتِ مُذْ كَذَا وَكَذَا وَلاَ بُدَّ مِنْ إِتْيَانِهِ فَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الغُلاَمِ خَيْراً فَإِنِّي رَأَيْتُهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
فَجَزِعَ القَوْمُ، وَقَالُوا: أَنْتَ كَبِيْرٌ وَأَنْتَ وَحْدَكَ فَلاَ نَأْمَنُ أَنْ يُصِيْبَكَ الشَيْءُ وَلَسْنَا عِنْدَكَ، مَا أَحْوَجَ مَا كُنَّا إِلَيْكَ. قَالَ: لاَ تُرَاجِعُوْنِي. فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ. قَالَ: يَا سَلْمَانُ قَدْ رَأَيْتَ حَالِي وَمَا كُنْتُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ، أَنَا أَمْشِي، أَصُوْمُ النَّهَارَ وَأَقُوْمُ اللَّيْلَ، وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَحْمِلَ مَعِي زَاداً وَلاَ غَيْرَهُ وَأَنْتَ لاَ تَقْدِرُ عَلَى هَذَا. قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ. قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ.
وَبَكَوْا، وَوَدَّعُوْهُ، وَاتَّبَعْتُهُ يَذْكُرُ اللهَ، وَلاَ يَلْتَفِتُ، وَلاَ يَقِفُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى إِذَا أَمْسَيْنَا قَالَ: صَلِّ أَنْتَ، وَنَمْ وَقُمْ، وَكُلْ وَاشْرَبْ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ وَكَانَ لاَ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا عَلَى بَابِ المَسْجِدِ مُقْعَدٌ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ قَدْ تَرَى حَالِي فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِشَيْءٍ. فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَجَعَلَ يَتْبَعُ أَمْكِنَةً يُصَلِّي فِيْهَا. ثُمَّ قَالَ: يَا سَلْمَانُ! لَمْ أَنَمْ مُذْ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ أَنْتَ جَعَلْتَ أَنْ تُوْقِظَنِي إِذَا بَلَغ الظَّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا نِمْتُ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَنَامَ فِي هَذَا المَسْجِدِ، وَإِلاَّ لَمْ أَنَمْ. قُلْتُ: فَإِنِّي أَفْعَلُ. فَنَامَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا لَمْ يَنَمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا لأَدَعَنَّهُ يَنَامُ. وَكَانَ لَمَّا يَمْشِي وَأَنَا مَعَهُ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَيَعِظُنِي وَيُخْبِرُنِي أَنَّ لِي رَبّاً، وَأَنَّ بَيْنَ يَدَيَّ جَنَّةً وَنَاراً وَحِسَاباً، وَيُذَكِّرُنِي نَحْوَ مَا كَانَ يُذَكِّرُ

نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست