responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 117
مُلُوْك الطوَائِف، ثُمَّ هَذَا خَاتمُهُ فِي يَده، وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ[1]، فَلاَ يَظنُّ عَاقلٌ أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مَا تعقَّلَ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّه يَقْتَضِي أَنَّهُ عرف كِتَابَة اسْمِه وَاسمِ أَبِيْهِ، وَقَدْ أَخبر اللهُ بِأَنَّهُ -صلوَات الله عَلَيْهِ- مَا كَانَ يَدْرِي مَا الكِتَاب؟ ثُمَّ عَلَّمَهُ الله تَعَالَى مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَم. ثُمَّ الكِتَابَةُ صِفَةُ مَدْحٍ، قَالَ تَعَالَى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [الْعلق: 4، 5] فَلَمَّا بلَّغَ الرِّسَالَة، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دين الله أَفواجاً، شَاءَ اللهُ لنبيِّه أَنْ يَتَعَلَّم الكِتَابَة النَّادرَة الَّتِي لاَ يَخْرُج بِمثلِهَا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ أُمِياً، ثُمَّ هُوَ القَائِلُ: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ" [2]. فصدقَ إِخبارُهُ بِذَلِكَ، إِذِ الحُكم للغَالِب، فنفَى عَنْهُ وَعَنْ أُمته الكِتَابَة وَالحِسَاب لِندُور ذَلِكَ فِيهِم وَقِلَّته، وَإِلاَّ فَقَدْ كَانَ فِيهِم كُتَّابُ الوَحِي وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ فِيهِم مَنْ يَحسُب، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [الإِسرَاء: 12] .
وَمِنْ عِلمهُم الفَرَائِضُ، وَهِيَ تَحتَاجُ إِلَى حِسَاب وَعَوْل، وَهُوَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فنفَى عَنِ الأُمَّةِ الحِسَاب، فعَلمنَا أَنَّ المنفيَّ كمَالُ علم ذَلِكَ وَدقَائِقه الَّتِي يَقُوْم بِهَا القِبْطُ وَالأَوَائِل، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ دين الإِسْلاَم وَلله الْحَمد، فَإِنَّ القِبْطَ عَمَّقُوا فِي الحسَاب والجبر، وأشياء تضيع الزمان. وأرباب الهَيْئَة تكلَّمُوا فِي سَير النُّجُوْم وَالشَّمْس وَالقَمَر، وَالكسوف وَالقِرَان بِأُمُور طَوِيْلَة لَمْ يَأْتِ الشَّرْعُ بها، فلما ذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشُّهُور وَمعرفَتَهَا، بَيَّنَ أَنَّ معرفَتَهَا لَيْسَتْ بِالطُّرق الَّتِي يَفْعَلهَا المنَجِّم وَأَصْحَابُ التَّقْوِيم، وَأَنَّ ذَلِكَ لاَ نعبأُ بِهِ فِي ديننَا، وَلاَ نحسُبُ الشهرَ بِذَلِكَ أَبَداً. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الشهرَ بِالرُّؤْيَة فَقط، فَيَكُوْن تِسْعاً وَعِشْرِيْنَ، أَوْ بتكملَة ثَلاَثِيْنَ، فَلاَ نَحتَاجُ مَعَ الثَّلاَثِيْنَ إِلَى تكلُّف رُؤْيَة.
وَأَمَّا الشِّعْرُ فنزَّهَهُ الله تَعَالَى عَنِ الشِّعرِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] ، فَمَا قَالَ الشِّعر مَعَ كَثْرَتِهِ وَجُوْدَتِهِ فِي قُرَيْش، وَجَرَيَان قرَائِحِهِم بِهِ، وَقَدْ يقعُ شَيْءٌ نَادرٌ فِي كَلاَمهِ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مَوزُوناً، فَمَا صار بذلك شاعرًا قط، كقوله:

[1] صحيح: أخرجه البخاري "5875"، ومسلم "2092" "56" من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: لما أراد النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَكْتُبَ إلى الروم قيل له: إنهم لن يقرءوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة ونقشه: محمد رسول الله، فكأني أنظر إلى بياضه في يده".
[2] صحيح: أخرجه البخاري "1913"، ومسلم "1080" "15" من طريق شعبة، عن الأسود بن قيس قال: سمعت سعيد بن عمرو بن سعيد أنه سمع ابن عمر يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّا أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشهر هكذا وهكذا وهكذا. وعقد الإبهام في الثالثة: "والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين".
نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست