responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 100
رَوَى بِشْروَيْه بنُ مُحَمَّدٍ المُغْفِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ الصَّفَّارُ الفَقِيْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْد الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَقَدِ اجتَمَعَ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ، ارتَحَلُوا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ يَوْماً، فَقَالَ: اسْمَعُوْا مَا أَقُولُ لَكُمْ قَبْلَ الإِملاَءِ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكُم مِنْ أَبْنَاءِ النِّعَمِ، هَجَرْتُمُ الوَطَنَ، فَلاَ يَخْطُرَنَّ بِبَالِكُمْ أَنَّكُمْ رَضِيْتُم بِهَذَا التَّجَشُّمِ لِلْعِلْمِ حَقاً، فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ بِبَعْضِ مَا تَحَمَّلْتُهُ فِي طَلَبِ العِلْمِ:
ارتَحَلْتُ مِنَ وَطَنِي، فَاتَّفَقَ حُصُوْلِي بِمِصْرَ فِي تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِي طَلَبَةِ العِلْمِ، وَكُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى شَيْخٍ أَرْفَعِ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي العِلْمِ مَنْزِلَةً، فَكَانَ يُمْلِي عَلَيْنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيْلاً، حَتَّى خَفَّتِ النَّفَقَةُ، وَبِعْنَا أَثَاثنَا، فَطَوَيْنَا ثَلاَثاً، وَأَصْبَحْنَا لاَ حِرَاكَ بِنَا، فَأَحْوَجَتِ الضَّرُوْرَةُ إِلَى كَشْفِ قِنَاعِ الحِشْمَةِ وَبَذَلِ الوَجْهِ، فَلَمْ تَسْمَحْ أَنْفُسُنَا فَوَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى قُرْعَةٍ، فَوَقَعَتْ عَلَيَّ، فَتَحَيَّرْتُ وَعَدَلْتُ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَدَعَوْتُ، فَلَمْ أَفْرغْ حَتَّى دَخَلَ المَسْجَدَ شَابٌّ مَعَهُ خَادِمٌ، فَقَالَ: مَنْ مِنْكُمُ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ؟ قُلْتُ: أَنَا. قَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ طُولُوْنَ يَقْرِئُكُمُ السَّلاَمَ وَيَعْتَذِرُ مِنَ الغَفْلَةِ عَنْ تَفَقُّدِ أَحْوَالِكُمُ، وَقَدْ بَعَثَ بِهَذَا وَهُوَ زَائِركُمْ غَداً. وَوَضَعَ بَيْنَ يَدَي كُلِّ وَاحِدٍ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَتَعَجَّبْنَا وَقُلْنَا: مَا القِصَّةُ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ بُكْرَةً، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَخْلُوَ اليَوْمَ فَانصَرَفْنَا، فَبَعْدَ سَاعَةٍ طَلَبَنِي، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا بِهِ يده على خاصرته لوجع ممض اعتَرَاهُ، فَقَالَ لِي: تَعْرِفُ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: اقصُدِ المَسْجَدَ الفلاَنِيَّ، وَاحمِلْ هَذِهِ الصُّرَرَ إِلَيْهِم، فَإِنَّهُم مُنْذُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ جِيَاعٌ، وَمَهِّدْ عُذْرِي لَدَيْهِم. فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: انفَرَدْتُ فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ فَارِساً فِي الهَوَاءِ، فِي يَدِهِ رُمْحٌ فَنَزَلَ إِلَى بَابِ هَذَا البَيْتِ، وَوَضَعَ سَافِلَةَ رُمْحِهِ عَلَى خَاصِرتِي وَقَالَ: قُمْ فَأَدْرِكِ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ، قُمْ فَأَدْرِكْهُمُ، فَإِنَّهُمْ مُنْذُ ثَلاَثٍ جِيَاعٌ فِي المَسْجَدِ الفُلاَنِيّ. فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رُضْوَانُ صَاحِبُ الجَنَّة. فَمُنْذُ أَصَابَ رُمْحَهُ خَاصِرَتِي أَصَابنِي وَجَعٌ شَدِيدٌ فَعَجِّلْ إِيْصَالَ هَذَا المَالِ إِلَيْهِم لِيَزُوْلَ هَذَا الوَجَعُ عَنِّي.
قَالَ الحَسَنُ: فَعَجِبْنَا وَشَكَرْنَا اللهَ، وَخَرَجْنَا تِلْكَ اللَّيْلَة مِنْ مِصْرَ لِئَلاَّ نَشْتَهِرَ، وَأَصْبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَاحِدَ عَصْرِهِ، وَقَرِيْعَ دَهْرِهِ فِي العِلْمِ وَالفَضْلِ.
قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ الأَمِيْرُ طولُوْنَ فَأَحَسَّ بِخُرُوْجِنَا، أَمَرَ بَابْتِيَاعِ تِلْكَ المَحَلَّةِ، وَوَقَفَهَا عَلَى المَسْجَدِ وَعَلَى مَنْ يَنْزِلُ بِهِ مِنَ الغُرَبَاءِ وَأَهْلِ الفَضْلِ، نَفَقَةً لَهُم، لِئَلاَّ تَخْتَلَّ أُمُوْرُهُمْ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ قُوَّةِ الدِّيْنِ وَصَفَاءِ العَقِيْدَةِ.
رَوَاهَا الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ فِي الرَّابِعِ مِنَ الحِكَايَاتِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ إِذْناً، عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، عَنْ بِشْرُوَيْه، فَاللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا. وَلَمْ يل طولون مصر، وأما ابنه أحمد ابن طُوْلُوْنَ فَيَصْغُرُ عَنِ الحِكَايَةِ، وَلاَ أَعْرِفُ نَاقِلَهَا، وذلك ممكن.

نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست