عبد الله بن عباس ومحمد بن علي بن أبي طالب قالا دخل أسامة بن زيد على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقبل النبي (صلى الله عليه وسلم) بوجهه ثم قال يا أسامة بن زيد عليك بطريق الجنة وإياك أن تحيد عنه فتختلج دونها فقال أسامة يا رسول الله دلني على ما أسرع به قطع ذلك الطريق قال عليك بالظمإ في الهواجر وقصر النفس عن لذتها ولذة الدنيا والكف عن محارم الله يا أسامة إن أهل الجنة يتلذذون ريح فم الصائم وإن الصوم جنة من النار فعليك بذلك وتقرب إلى الله بكثرة التهجد والسجود فإن أشرف الشرف قيام الليل وأقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدا وإن الله عز وجل يباهي به ملائكته ويقبل إليه بوجهه يا أسامة بن زيد إياك وكل كبد جائعة تخاصمك عند الله يوم القيامة يا أسامة بن زيد إياك أن تعد عيناك عن عباد الله الذين أذابوا لحومهم بالرياح والسمائم وأظمأوا الأكباد حتى غشيت أبصارهم من الظلم اسهروا ليلهم خشعا ركعا " يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود " [1] تعرفهم بقاع الأرض تحف بهم الملائكة تحوم حواليهم الطير تذل لهم السباع كذل الكلب لأهله يا ابن زيد إن الله تعالى إذا نظر إليهم سر بهم تصرف بهم الزلازل والفتن ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكاء شديدا حتى اشتد بكاؤه وهاب القوم أن يكلموه وحتى ظن القوم أن أمرا قد نزل من السماء ثم تكلم (صلى الله عليه وسلم) وهو حزين فقال ويح هذه الأمة ما يلقى فيهم [2] من أطاع الله عز وجل كيف يكذبونه ويضربونه ويحبسونه من أجل أنه أطاع الله فقال بعض أصحابه يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام قال نعم قال ففيم إذا يعصون [3] من أطاع الله قال إنما يعصونهم حيث أمروهم بطاعة الله ترك القوم الطريق ولبسوا اللين من الثياب وخدمتهم أبناء فارس وتزين الرجل منهم بزينة المرأة وتزينت المرأة منهم بزينة الرجل دينهم دين كسرى وقيصر همتهم جمع الدنانير والدراهم فهي دينهم وسنتهم القتل تباهوا بالجمال واللباس فإذا تكلم ولي الله الغني من التعفف المنحنية أصلابهم من العبادة قد ذبحوا أنفسهم من العطش رضاء الله عز وجل كذبوا وأوذوا وطردوا وحبسوا وقيل [1] سورة الفتح الآية: 29 [2] مختصر ابن منظور 4 / 253: فيها [3] بالاصل وم " يعصوا " والمثبت عن مختصر ابن منظور