[عن دمشق والشام]
" باب في ذكر أصل اشتقاق تسمية الشام عن العالمين بالنقل والعارفين بأصول الكلام " أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله الأنصاري السلمي بقرائتي عليه ببغداد قال أخبرنا أبو محمد الحسين بن محمد بن عبد الله الجوهري أنا أبو عمر بن العباس بن حيوية أنا أبو الحسين أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب أنا أبو محمد بن حارث بن أبي أسامة أنا أبو عبد الله محمد بن سعد أنبأنا هشام بن محمد عن أبيه قال كان الذي عقد لهم يعني ولد نوح عليه السلام الألوية ببابل لوناطن [1] بن نوح فنزل بنو سام المجدل سرة الأرض فيما بين ساتيدما إلى [2] البحر وما بين اليمن إلى الشام وجعل الله النبوة والكتاب والجمال والأدمة والبياض فيهم ونزل بنو حام مجرى الجنوب والدبور ويقال لتلك الناحية الداروم وجعل الله تعالى [3] فيهم أدمة وبياضا قليلا وأعمر بلادهم وسماءهم ورفع عنهم الطاعون وجعل في أرضهم الأثل والأراك والعشر والغاف [4] والنخل وحرت الشمس والقمر في [1] في الطبري: يوناظر [2] ساتيدما: قال العمراني: هو جبل بالهند لا يعدم ثلجه أبدا
وقال غيره: جبل بين ميافارقين وسعرت
وقيل: هو الجبل المحيي بالأرض واستبعد ياقوت قول العمراني [3] عن هامس الأصل وسقطت من المطبوعة المجلدة الأولى أيضا [4] الأثل: شجر يشبه إلا أنه أعظم منه وأكرم وأجود عودا تسوى به الأقداح الصفر الجياد
والأراك: شجر معروف وهو شجر السواك يستاك بفروعه
والعشر: شجر له صمغ وفيه حراق مثل القطن يقتدح به صنغه حلو
والغاف: شجر عظام تنبت في الرمل مع الأراك وتعظم وورقه أصغر من ورق التفاح
(انظر اللسان: أثل - أرك - عشر - غوف)
يقول السمعاني الذي التقاه Y دخل نيسابور قبلي بشهر سمعت منه معجمه والمجالسة للدينوري وقد شرع في تصنيف تاريخه تاريخ دمشق
ثم قفل راجعا إلى بغداد ومنها إلى دمشق وكان ذلك سنة (533) ثلاث وثلاثين وخمسمائة
وها هو ذا قد بلغ قمة العلم وتبوأ مرتبة الحفاظ والمحدثين يقول Y متى أروي ما سمعت؟ لكنه لا يجرؤ على ذلك قبل أن يأذن له شيوخه فقال له جده يحيى بن علي القرشي Y اجلس إلى سارية من هذه السواري حتى نجلس إليك أما أعيان شيوخه ورؤساء البلد فكلهم قالوا له Y من أحق بهذا منك؟ قال الحافظ Y فجلست في ذلك منذ ثلاث وثلاثين وخمسمائة
وهنا تبدأ حقبة جديدة يمن حياة الحافظ تمتد أربعين عاما ينصرف فيها إلى الجمع والتصنيف والرواية والتأليف والمطالعة والتسميع ويشتهر أمره ويطير ذكره في الافاق فيرحل إليه الطلبة كما رحل هو من قبل إلى شيوخه وتنتهي إليه الرئاسة في الحفظ والاتقان والمعرفة التامة بالحديث متونا وأسانيد ويصبح إمام الحديث في عصره وفارسا في ميدانه
ثم كان دخول نور الدين زنكي إلى دمشق عام (549) وهو قائد الجهاد ضد الصليبيين
وهذه الحقبة من التاريخ نشط فيها العلم والجهاد في آن ورقي خبر ابن عساكر إلى نور الدين يقول الحافظ في خطبة كتابه Y ورقي خبر جمعي له (أي لتاريخ دمشق) إلى الملك العادل
وبلغني تشوقه إلى استنجازه والاستتمام فراجعت العمل به راجيا الظفر بالتمام
وقد بنى له نور الدين دارا لتعليم الحديث سميت فيما بعد دار الحديث النورية وهي أول مدرسة أنشئت في الاسلام لتعليم الحديث وتولى التدريس فيها الحافظ ابن عساكر نفسه وابنه ثم بنو عساكر من بعدهما وكان نور الدين يحضر حلقات تدريس له فيها كما كان السلطان صلاح الدين يحضر مجلسه ودروسه أيضا
وقد تخرج من المدرسة النورية هذه وأخذ عن شيوخها كبار العلماء والمؤرخين والمحدثين في القرنين السادس والسابع للهجرة كابن الاثير الجزري والمقدسي والمزي وابن كثير والنووي والذهبي والحسيني وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم
وللحافظ مؤلفات كثيرة في الحديث ومؤلفات وفيرة في الفضائل فضائل الاشخاص