هاتان الرحلتان إلى بلاد العجم وخراسان ومراكزها العلمية الكبيرة وإلى العراق وبلاد الحجاز سمحتا له بلقاء كبار الشيوخ وأعيان العلماء والفقهاء والمحدثين حيث سعى في التحصيل عليهم والافادة منهم فحفظ وكتب الكثير وقد التقى بأكثر من ألف وثلاثمائة شيخ ومن النساء بضع وثمانين امرأة (1)
يقول الذهبي في سير الاعلام [2] : وعدد شيوخه في معجمه ألف وثلاثمائة شيخ بالسماع وستة وأربعون شيخا أنشدوه وعن مئتين وتسعين شيخا بالاجازة الكل في معجمه وبضع وثمانون امرأة لهن معجم صغير سمعناه
عودته إلى دمشق: مرحلة جديدة: كان ابن أربع وثلاثين سنة لما عاد إلى دمشق وقرر الاستقرار فيها وذلك بعد أن حقق قدرا عاليا من بناء شخصيته العلمية والفقهية وبعد أن ذاع صيته وانتشرت أخباره وتناقل العلماء أخبار فطنته وسعة حفظه وإتقانه وتردد اسمه في مختلف الافاق
قال أبو المواهب [2] : لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة من لزوم الصلوات في الصف الاول إلا من عذر والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الاملاك وبناء الدور قد أسقط ذلك عن نفسه وأعرض عن طلب المناصب من الامامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه وأخذ نفسه بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم
قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع أني ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة من كوني أخلفه صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكلهم قالوا: من أحق بهذا منك؟ فشرعت منذ ثلاث وثلاثين وخمسمئة
(1) معجم الادباء: 13 / 76، وتذكرة الحفاظ: [4] / 1328 [2] سير الاعلام النبلاء: 20 / 556
(3) تذكرة الحفاظ: [4] / 1332
عليه مكتوب ويك إرم الجبابرة من رامك بسوء قصمه الله إذا وهى منك جيرون الغربي من باب البريد ويلك من الخمسة أعين نقض سورك على يديه بعد أربعة آلاف سنة تعيشين رغدا فإذا وحى منك جيرون الشرقي أديل لك ممن يعرض لك قال فوجدنا الخمسة أعين عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب عين بن عين بن عين بن عين قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني أنبأنا تمام بن محمد الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفرج عبد الله بن الفرج بن البراي حدثني محمد بن سعيد بن فطيس نا إبراهيم بن عتيق سمعت أبا مسهر يقول إن ملك دمشق بنى حصن دمشق الذي حول المسجد داخل المدينة على مسحة مسجد بيت المقدس وحمل أبواب بيت المقدس فوضعها على أبوابه فهذه الأبواب التي على الحصن هي أبواب مسجد بيت المقدس
(1) بالاصل ومخطوطة الخزانة العامة: " نقص سويك على بيديه " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 47 [2] بالاصل: " أن يراك " والمثبت عن مختصر ابن منظور
(3) عن مخطوطة الخزانة العامة وبالاصل " عبد الملك " [4] كذا ورد بالاصل ومخطوطة الخزانة العامة أربعة أعين ووقعت في المجلدة الاولى من ابن عساكر " خمسة أعين " وهو الصواب
(5) كذا وفي مخطوط الخزانة العامة " البراني " ولعل الصواب " البرامي " انظر الاكمال 1 / 538 الحاشية والانساب حاشية 1 / 305