نام کتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلمية نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 8 صفحه : 391
قالت: لا، قلت: وَلم؟ قالت: لأن البكاء راحة القلب، وَملجأ يلجأ إليه، وَما كتم القلب شيئا أحق من الشهيق وَالزفير، فإذا أسبلت الدمعة استراح القلب، وَهذا ضعف عند الألباء يا بطال، فبقيت متعجبا من كلامها، فقالت: مَالِك؟ قلت: تعجبا من هذا الكلام، قالت: وَقد أنسيت القرحة الَّتِي سألت عنها؟ قلت: لا، قلت: علميني شيئا ينفعني اللَّه به، قالت: وَما أفادك الحكيم فِي مقامك هذا من الفوائد ما تستغني به عَنْ طلب الزوائد؟ قلت: لا، ما أنا مستغن عن طلب الزوائد، قالت: صدقت. أحب ربك وَاشتق إليه فإن له يوما يتجلى فيه على كرسي كرامته لأوليائه وَأحبائه فيذيقهم من محبته كأسا لا يظمئون بعدها أبدا، قَالَ: ثُمَّ أخذت فِي البكاء وَالزفير وَالشهيق وَهي تقول: سيدي إِلَى كم تخلفني فِي دار لا أجد فيها أحدا يسعدني على البكاء أيام حياتي؟ ثُمَّ تركتني وَمضت.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدل أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق قَالَ: سمعت ذا النون المصري يقول:
اعلموا أن الَّذِي أقام الحياء من اللَّه، معرفته بإحسانه إليهم، وَعلمهم بتضييع ما افترض من شكره، فليس لشكره نهاية.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَليّ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد بن أحمد بن فضالة النيسابوري- بالري- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الرازي- بنيسابور- قَالَ: سمعت يوسف بْن الْحُسَيْن يقول: حضرت مَعَ ذي النون مجلس المتوكل، وَكَانَ المتوكل مولعا به يفضله على العباد وَالزهاد، فَقَالَ له المتوكل: يا أبا الفيض صف لنا أولياء اللَّه؟ فَقَالَ ذو النون: يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم ألبسهم اللَّه النور الساطع من محبته وَجللهم بالبهاء من أردية كرامته، وَوضع على مفارقهم تيجان مسرته، وَنشر لهم المحبة فِي قلوب خليقته، ثُمَّ أخرجهم وَقد أودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلقة بمواصلة المحبوب فقلوبهم إليه سائرة، وَأعينهم إِلَى عظيم جلاله ناظرة، ثُمَّ أجلسهم بعد أن أحسن إليهم على كراسي طلب المعرفة بالدواء، وَعرفهم منابت الأدواء، وَجعل تلاميذهم أَهْل الورع وَالتقى، وَضمن لهم الإجابة عند الدعاء، وَقَالَ: يا أوليائي إن أتاكم عليل من فرقي فداووه، أَوْ مريض من إرادتي فعالجوه، أَوْ مجروح بتركي إياه فلاطفوه، أَوْ فار مني فرغبوه، أَوْ آبق مني فخادعوه، أَوْ خائف مني فأمنوه، أَوْ راغب فِي مواصلتي فمنوه، أَوْ قاصد نحوي فأدوه، أَوْ جبان فِي متاجرتي فجرءوه، أَوْ آيس من
نام کتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلمية نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 8 صفحه : 391