نام کتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلمية نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 7 صفحه : 170
فوقفت على جعفر فبكت فأحزنت وتكلمت فأبلغت، فَقَالَتْ: أما والله لئن أصبحت للناس آية، لقد بلغت فيهم الغاية، ولئن زال ملكك، وخانك دهرك، ولم يطل عمرك، لقد كنت المغبوط حالا، الناعم بالا، يحسن بك الملك، وينفس بك الهلك، أن تصير إِلَى حالك هذه، ولقد كنت الملك بحقه، فِي جلالته ونطقه، فاستعظم الناس فقدك، إذ لم يستخلفوا ملكا بعدك، فنسأل الله الصبر عَلَى عظيم الفجيعة، وجليل الرزية التي لا تستعاض بغيرك والسلام عليك وداع غير قَالٍ ولا نَاسٍ لذكرك، ثم أنشأت تقول:
العيش بعدك مر غير محبوب ... ومذ صلبت ومقنا كل مصلوب
أرجو لك الله ذا الإحسان إن له ... فضلا علينا وعفوا غير محسوب
ثم سكتت ساعة وتأملته، ثم أنشأت تقول:
عليك من الأحبة كل يوم ... سلام الله، ما ذكر السلام
لئن أمسى صداك برأي عين ... عَلَى خشب حباك بها الإمام
فمن ملك إِلَى ملك برغم ... من الأملاك أسلمك الهمام
أخبرنا أَبُو عَلِيّ بن الحسين بن محمّد الجازري أخبرنا المعافى بن زكريّا حدّثنا محمّد بن مزيد حَدَّثَنَا الزبير بْنُ بَكَّارٍ.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْوَاحِدِ بْن عَلِيّ البزاز- واللفظ له- قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الْحَسَن بْن عَبْد الله السيرافي حدّثنا محمّد بن أبي الأزهر النّحويّ حدّثنا الزبير بن بكّار حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه. قَالَ: لما قتل جعفر بن يَحْيَى، وصلب بباب الجسر رأسه، وفي الجانب الآخر جسده، وقفت امرأة عَلَى حمار فاره، فنظرت إِلَى رأسه، فَقَالَتْ بلسان فصيح: والله لئن صرت اليوم آية، لقد كنت فِي المكارم غاية، ثم أنشأت تقول:
ولما رأيت السيف خالط جعفرا ... ونادى مناد للخليفة فِي يَحْيَى
بكيت عَلَى الدنيا وأيقنت أنما ... قصارى الفتى يوما مفارقة الدنيا
وما هي إلا دولة بعد دولة ... تخول ذا نعمى وتعقب ذا بلوى
إذا أنزلت هذا منازل رفعة ... من الملك حطت ذا إِلَى الغاية القصوى
ثم إنها حركت الحمار الذي كان تحتها، فكأنها كانت ريحا لم يعرف لها أثر.
حدّثنا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الفقيه أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزاز أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ خَلَفِ المرزبان قَالَ أنشدونا للعباس بن الأحنف:
ولما رأيت السيف خالط جعفرا
نام کتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلمية نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 7 صفحه : 170