responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلمية نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 5  صفحه : 354
حدّثني علي بن أبي علي البصريّ، حدثني أبو محمد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن إبراهيم القاضي، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن الجعابي. قَالَ: كنت يوما عند أبي بكر ابن مجاهد فِي مسجده، فأتاه بعض غلمانه فَقَالَ له: يا أستاذ. إن رأيت أن تجملني بحضورك غدا دارنا! فَقَالَ له أَبُو بَكْر: ومن معنا؟ فَقَالَ له: أصحابنا المسجدية، ومن يرى الشيخ، فَقَالَ أَبُو بَكْر: ينبغي أن تدعو أبا بكر- يَعْنِيني- فأقبل الفتى عَلِيّ يسألني، فقلت له: هوذا تطفل بي، لو أرادني الرجل لأفردني بالسؤال، فَقَالَ: دع هذا يا بغيض. فقلت له: السمع وَالطاعة. فَقَالَ لي الرجل: إن الأستاذ قد آثرك فمن تؤثر أَنْتَ أن أدعو لَكَ؟ فقلت له: الحسين بْن غريب. قَالَ: السمع وَالطاعة، ونهض الفتى، فلما كان من الغد وافى إلى مسجد أبي بكر، فسألنا النهوض معه إلى منزله، فقال أبو بكر لأصحابه: قوموا وامضوا متقطعين وخالفوا الطرق، ففعلوا، ثم أقبل على الفتى فقال له: اسبقنا، فإني أَنَا وأبو بكر نجيئك. فقلت أَنَا له: إيش عملت فِي إحضار ابْن غريب؟ فَقَالَ لي: قد أخذت الوعد عَلَيْهِ من أمس وأَنَا أنفذ إليه رسولا ثانيا. ومضى وجلس أَبُو بَكْر ففرغ من شغيلات له، ثم إنا نهضنا جميعا وعبرنا الجانب الغربي وصعدنا درب النخلة وكانت دار الفتى فِيهِ، فوجدناه مترقبا لنا.
فدخلنا فدعا بماء فغسلنا أيدينا، ثم أتى بجونة فوضعها بين أيدينا، فقلت في نفسي: ما أدري مروءة هذا الفتى؟ أيش فِي الجونة مما يعمنا! ففتحها فإذا فِيهَا بزماورد، وأوساط ولفات، وسنبوسج، فأكلنا أكلا عظيما مفرطا، وَالجونة عَلَى حالها وما فِيهَا من هذا الطعام عَلَى غاية الكثرة وَالوفور، وشلنا أيدينا فاستدعى الحلوى، فأتى بفالوذج غرف حار بماء ورد عَلَى مائدة كبيرة، فاستكثرنا منه، فعجبت من ظرف طعامه، ونظافته وطيبه، وحسنه وتمام مروءته، من غير إجحاف ولا إسراف، وغسلنا أيدينا فقلت له: أين ابْن غريب؟ فَقَالَ لي عند بعض الرؤساء وقد حال بيننا وبينه، فشق عَلِيّ وتبين أَبُو بَكْر بْن مجاهد ذلك مني، فَقَالَ لي: هاهنا من ينوب عَن ابْن غريب. فتحدّثنا ساعة. فقلت له: لا أرى للنائب عَن ابْن غريب خبرا ولا أثرا، فدافعني فصبرت ساعة، ثم كررت الخطاب عَلَيْهِ وألححت، ولست أعلم من هو النائب بالحقيقة عَن ابْن غريب. فَقَالَ للفتى: هات قضيبا، فأتاه بِهِ، فأخذه أَبُو بَكْر ووقع واندفع يغني، فغناني نيفا وأربعين صوتا فِي غاية الْحَسَن وَالطيبة وَالإطراب، فأشجاني وحيرني فقلت له: يا أستاذ متى تعلمت هذا وكيف تعلمته! فَقَالَ: يا بارد تعلمته لبغيض مثلك لا يحضر الدعوة إلا بمغن، ومضى لنا يوم طيب معه.

نام کتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلمية نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 5  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست