2989 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن إسماعيل أَبُو إِسْحَاق الخواص من أهل سر من رأى، وَهُوَ أحد شيوخ الصوفِية، وممن يذكر بالتوكل، وكثرة الأسفار إِلَى مكة وغيرها عَلَى التجريد، وله كتب مصنفة، روى عنه: جَعْفَر الخلدي، وغيره.
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن نصير الخلدي فِي كتابه، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الخواص، يقول: سلكت فِي البادية إِلَى مكة سبعة عشر طريقا، فِيهَا طريق من ذهب، وطريق من فضة! حَدَّثَنَا أَبُو الفضل عَبْد الواحد بْن عَبْد العزيز بْن الحارث التميمي الحنبلى بلفظه، قَالَ: سمعت جَعْفَر الخلدي، يقول: سمعت إِبْرَاهِيم الخواص، يقول: نزلت إِلَى مشرعة الساج من بغداد، وكَانَ الماء مدا، وَالريح تلعب بالموج، فرأيت رجلا بين الموج يمشي عَلَى الماء، فسجدت، وجعلت بيني وبين اللَّه أن لا أرفع رأسي حتى أعلم من الرجل، فلم أطل فِي السجود حتى حركني، فَقَالَ لي: قم، ولا تعاود فأنا إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الخراساني! حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ الهمذاني، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ العطار، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الخواص، يقول: أَنَا أعرف من بقى فِي حجة واحدة سبع سنين، ومكث فِي مسيرة يوم واحد أربعة أشهر مرارا كثيرة، يعني بِهِ نفسه، وَالله أعلم.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عُمَر بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم العبدوي بنيسابور، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الحسين الحسنى، يقول: سمعت جَعْفَر بْن الْقَاسِم البغدادي، يقول: سمعت إِبْرَاهِيم الخواص، يقول: جعت مرة فِي السفر جوعا شديدا، قَالَ: فاستقبلني أعرابي، فَقَالَ لي: يا رغيب البطن، قلت: يا هذا فإني لم آكل مذ أيام، فَقَالَ: الدعوى تهتك ستر المدعين فما لَكَ وَالتوكل! أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري النِّيسَابُورِيّ، قَالَ: سمعت أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن الحسين السلمي، يقول: سمعت أبا الْعَبَّاس البغدادي، يقول: سمعت الفرغاني، يقول: كَانَ إِبْرَاهِيم الخواص مجردا فِي التوكل يدقق فِيهِ، وكَانَ لا يفارقه إبرة وخيوط، وركوة ومقراض، فقيل له: يا أبا إسحاق لم تحمل هذا، وأنت تمنع من كل شيء، فقال مثل هذا لا ينقض التوكل، لأن لِلَّهِ عَلَيْنَا فرائض، وَالفقير لا يكون عَلَيْهِ إلا ثوب واحد، فربما يتخرق ثوبه، فإذا لم يكن معه إبرة وخيوط تبدو عورته، فتفسد عَلَيْهِ صلاته، وإذا لم يكن معه ركوة تفسد عَلَيْهِ طهارته، وإذا رأيت الفقير بلا ركوة ولا إبرة وخيوط، فاتهمه فِي صلاته.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عَلِيّ التوزي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن مُوسَى الصوفِي، قَالَ: سمعت أبا بكر الرازي، قَالَ: سمعت أبا عثمان الأدمي، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الخواص، وسئل عَنِ الورع، فَقَالَ أن لا يتكلم العبد إلا بالحق غضب أو رضي، ويكون اهتمامه بما يرضي اللَّه تَعَالَى، قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم الخواص: العلم كله فِي كلمتين لا تتكلف ما كفِيت، ولا تضيع ما استكفِيت.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِم الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زيد بْن مروان، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن سعدان، قَالَ: قلت لإبراهيم الخواص: يا أبا إِسْحَاق: ما علامة المحب؟ قَالَ: ترك ما تحب لمن تحب.
وأخبرني الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: قَالَ لنا مُحَمَّد بْن سعدان قَالَ لي إِبْرَاهِيم الخواص: الناس فِي طريق الآخرة عَلَى ثلاثة أوجه صوفي، وليفِي، وشعري، فأما الليفِي، فهو الَّذِي يحب اللفِيف فإن مر فِي طريق كَانَ معه قوم ويزن مجلسه، ويصف للناس موضعه، وَالشعرى: الَّذِي استشعر ما يدور فِي العامة من ذكره غير حال يعرفه مع ربه، فهو مستشعر لذلك مسرور بِهِ، وَالصوفي: هو الَّذِي اشتق اسمه من الصفاء، فصفا، ونأى.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبيد مُحَمَّد بْن عَلِيّ النِّيسَابُورِيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد القزويني، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد البرنائي، قَالَ: أنشدني مُحَمَّد بْن الحسين، قَالَ: أنشدني إِبْرَاهِيم بْن فاتك لإبراهيم الخواص:
لقد وضح الطريق إليك حقا فما أحد أرادك يستدل
فإن ورد الشتاء فأَنْتَ صيف وإن ورد المصيف فأَنْتَ ظل
حَدَّثَنَا أَبُو نصر إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الجرباذقاني بِهَا لفظا، قَالَ: حَدَّثَنَا معمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زياد الأصبِهَاني، قَالَ: سمعت أبا مسلم السقا، يقول: سمعت بعض أصحابنا يحكي عَن إِبْرَاهِيم الخواص أنه قَالَ: كَانَ لي وقتا فترة، فكنت أخرج كل يوم إِلَى شط نهر كبير كَانَ حوَاليه الخوص، فكنت أقطع شيئا من ذلك، وأسفه قفافا، فأطرحه فِي ذلك النهر، وأتسلى بذلك، وكأني كنت مطالبا بِهِ، فجرى وقتي عَلَى ذلك أياما كثيرة، فتفكرت يوما، وقلت: أمضي خلف ما أطرحه فِي الماء من القفاف لأنظر أين يذهب، فكنت أمضي عَلَى شط النهر ساعات، ولم أعمل ذلك اليوم، حتى أتيت فِي الشط موضعا، وإذا عجوز قاعدة عَلَى شط النهر وهي تبكي، فقلت لها: مالك تبكين؟ فقالت: أعلم أن لي خمسة من الأيتام مات أبوهم، فأصابني الفقر وَالشدة، فأتيت يوما هذا الموضع، فجاء عَلَى رأس الماء قفاف من الخوص، فأخذتها، وبعتها وأنفقت عليهم، فأتيت اليوم الثاني وَالثالث وَالقفاف تجيء عَلَى رأس الماء، فكنت آخذها وأبيعها حتى اليوم، فاليوم جئت فِي الوقت وأَنَا منتظره وما جاءت، قَالَ إِبْرَاهِيم الخواص: فرفعت يدي إلى السماء وقلت: إلهي لو علمت أن لها خمسة من العيال لزدت فِي، العمل، فقلت للعجوز: لا تغتمي فإني الَّذِي كنت أعمل ذلك، فمضيت معها، ورأيت موضعها، فكَانَت فقيرة كما قَالَت، فأقمت بأمرها، وأمر عيالها سنين، أو كما قَالَ.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ الهمذاني، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الكتاني، قَالَ: رأيت كأن القيامة قد قامت، فأول من خرج من عند اللَّه أَبُو جَعْفَر الدينوري وكتابه بيمينه وَهُوَ يضحك، ثم خرج إِبْرَاهِيم الخواص بعده وكتابه بيمينه وَهُوَ يدرس القرآن.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر العطار، بأصبِهَان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن الحسين السلمي النِّيسَابُورِيّ، قَالَ: إِبْرَاهِيم الخواص هو إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن إسماعيل كنيته أَبُو إِسْحَاق من أهل العسكر، صحب أبا عَبْد اللَّهِ المغربي، ومات بالري، وبِهَا قبره، وكَانَ أحد المذكورين بالتوكل وَالسياحات، بلغني أنه مات سنة إحدى وتسعين ومائتين، وتولى غسله ودفنه يُوسُف بْن الحسين.
قلت: ذكر غيره أنه مات سنة أربع وثمانين ومائتين.
نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 6 صفحه : 493