2957 - أَحْمَد بْن يَحْيَى أَبُو عَبْد اللَّهِ المعروف بابن الجلاء من كبار مشايخ الصوفِية، انتقل عَن بغداد، فسكن الشام.
سمعت أبا نعيم الحافظ يقول: أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء أَحْمَد بْن يَحْيَى بغدادي، سكن الرملة، صحب ذا النون، وأبا تراب، وأبوه يَحْيَى الجلاء أحد الأئمة له النكت اللطيفة.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق، قَالَ: سمعت عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَسَن الهمذاني، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن داود، يقول: ما رأت عيناي بالعراق، ولا بالحجاز، ولا بالشام، ولا بالجبل، مثل أَبِي عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء وكَانَ فِي ممشاذ خمس خصال لم تكن واحدة منها فِي ابْن الجلاء.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الحسين، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين النِّيسَابُورِيّ، قَالَ: سمعت جَدِّي إسماعيل بْن نجيد، يقول: كَانَ يقال: إن فِي الدُّنْيَا ثلاثة من أئمة الصوفِية لا رابع لهم: أَبُو عثمان بنيسابور، وَالجنيد ببغداد، وأبو عَبْد اللَّهِ ابْن الجلاء، بالشام.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن جهضم، بمكة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الجلندي المقري، قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء، يقول: كنت بمكة مجاورا مع ذي النون، فجعنا أياما كثيرة، لم يفتح لنا بشيء، فلما كَانَ ذات يوم قام ذو النون قبل صلاة الظهر ليصعد إِلَى الجبل يتوضأ للصلاة، وأَنَا خلفه، فرأيت قشور الموز مطرحا فِي الوادي، وَهُوَ طري، فقلت فِي نفسي: آخذ منه كفا أو كفِين أتركه فِي كمي، ولا يراني الشيخ حتى إذا صرنا فِي الجبل، ومضى الشيخ يتمسح أكلته، قَالَ: فأخذته وتركته فِي كمي وعيني إِلَى الشيخ لئلا يراني، فلما صرنا فِي الجبل وانقطعنا عَنِ الناس التفت إلي، وَقَالَ: اطرح ما فِي كمك يا شره، فطرحته وأَنَا خجل، وتمسحنا للصلاة، ورجعنا إِلَى المسجد، وصلينا الظهر وَالعصر وَالمغرب عشاء الآخرة، فلما كَانَ بعد ساعة إذا انسان قد جَاءَ ومعه طعام عَلَيْهِ مكبة، فوقف ينظر إِلَى ذي النون، فَقَالَ له ذو النون: مر فدعه قدام ذاك، وأومأ إِلَيَّ بيده، فتركه بين يدي، فانتظرت الشيخ ليأكل، فلم أره يقوم من مكانه، ثم نظر إلي، وَقَالَ: كل، فقلت: آكل وحدي؟ فَقَالَ: نعم! أَنْتَ طلبت، نحن ما طلبنا شيئا، يأكل الطعام من طلبة، فأقبلت آكل وأَنَا خجل مما جرى، أو كما قَالَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ اليقطيني، يقول: حضرت أبا عَبْد اللَّهِ الجلاء، وقيل له: هؤلاء الَّذِي يدخلون البادية بلا زاد ولا عدة يزعمون أنهم متوكلة، فيموتون، قَالَ: هذا فعل رجال الحق، فإن ماتوا فالدية عَلَى القاتل.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عَلِيّ المحتسب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرحمن السلمي، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الرازي، يقول: سمعت أبا عُمَر الدمشقي، يقول: قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء لا تضيعن حق أخيك اتكالا عَلَى ما بينك وبينه من المودة وَالصداقة، فإن اللَّه تَعَالَى فرض لكل مؤمن حقوقا لا يضيعها إلا من لم يراع حقوق اللَّه عَلَيْهِ.
حَدَّثَنِي عَبْد العزيز بْن أَحْمَد الكتاني بدمشق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مكي بْن مُحَمَّد بْن الغمر المؤدب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَان مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن زبر، قَالَ: قَالَ أَبُو يَعْقُوب الأدرعي: توفِي أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء يوم السبت لاثنتي عشرة خلت من رجب سنة ست وثلاث مائة.
نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 6 صفحه : 459