responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 6  صفحه : 448
2951 - أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن زيد بْن سيار أَبُو الْعَبَّاس النحوي الشيباني مولاهم المعروف بثعلب إمام الكوفِيين فِي النحو وَاللغة سمع إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، ومحمد بْن سلام الجمحي، ومحمد بْن زياد ابْن الأعرابي، وعلي بْن المغيرة الأثرم، وسلمة بْن عاصم، وعبيد اللَّه بْن عُمَر القواريري، وَالزبير بْن بكار.
روى عنه: مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس اليزيدي، وعلي بْن سُلَيْمَان الأخفش، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة الأزدي، وأبو بكر ابْن الأنباري، وعبد الرحمن بْن مُحَمَّد الزهري، وأبو عَبْد اللَّهِ الحكيمي، وأَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي، وأبو عُمَر الزاهد، وأبو سهل زياد، ومحمد بْن الْحَسَن بْن مقسم، وغيرهم.
وكَانَ ثقة حجة، دينا صَالِحا، مشهورا بالحفظ وصدق اللهجة، وَالمعرفة بالغريب، ورواية الشعر القديم، مقدما عند الشيوخ مذ هو حدث، ويقال: إن أبا عَبْد اللَّهِ ابْن الأعرابي كَانَ يشك فِي الشيء فِيقول له: ما عندك يا أبا الْعَبَّاس فِي هذا؟ ثقة بغزارة حفظه.
وولد فِي سنة مائتين، وكَانَ يقول طلبت العربية وَاللغة فِي سنة ست عشرة ومائتين، وابتدأت بالنظر فِي " حدود " الفراء وسني ثمان عشرة سنة، وبلغت خمسا وعشرين سنة وما بقي عَلَيَّ مسألة للفراء إلا وأَنَا أحفظها، وأحفظ موضعها من الكتاب، ولم يبق شيء من كتب الفراء فِي هذا الوقت إلا قد حفظته.
حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَبِي الفتح، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفضل بْن المأمون الهاشمي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر ابْن الأنباري، قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن يَحْيَى، يقول: سمعت من عبيد اللَّه بْن عُمَر القواريري مائة ألف حَدِيث.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بْن عَبْد الواحد الوكيل، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران بْن عروة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر العجوزي، قَالَ: سمعت ثعلبا، يقول: مات معروف الكرخي سنة مائتين وفِيهَا ولدت.
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ عِيسَى بْن مُحَمَّد الجريحي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب، قَالَ: كنت أحب أن أرى أَحْمَد بْن حَنْبَل، فصرت إليه، فلما دخلت عَلَيْهِ قَالَ لي: فِيم تنظر؟ فقلت: فِي النحو وَالعربية فأنشدني أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن حَنْبَل:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل عَلَيَّ رقيب
ولا تحسبن اللَّه يغفل ما مضى ولا أن ما تخفى عَلَيْهِ يغيب
لهونا عَنِ الأيام حتى تتابعت ذنوب عَلَى آثارهن ذنوب
فَيَا ليت أن اللَّه يغفر ما مضى ويأذن فِي توباتنا فنتوب
أَخْبَرَنَا الْقَاضِيان أَبُو عَبْد اللَّهِ الصيمري، وأبو الْقَاسِم التنوخي، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن منصور بْن مُحَمَّد بْن منصور الحربي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الزهري، وفِي حَدِيث التنوخي، قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد الزهري، يقول: كَانَ لثعلب عزاء ببعض أهله فتأخرت عنه لأنه خفِي عني، ثم قصدته معتذرا، فَقَالَ لي: يا أبا مُحَمَّد ما بك حاجة إِلَى أن تتكلف عذرا، فإن الصديق لا يحاسب، وَالعدو لا يحتسب له، وَاللفظ للتنوخي.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر الأخرم، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر الطوماري، قَالَ: حضر أَبُو الْعَبَّاس بْن الفرات عند ثعلب، وكَانَ سمينا عظيم الخلق، فَقَالَ له: يا أبا الْعَبَّاس ما أهملت حاجتك وقد أحكمتها، فَقَالَ له: أَنْتَ فِي الْبَرِّ بُرٌّ، وَفِي الْبَحْرِ دُرٌّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الحسين بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخالع، قَالَ: أنشدنا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قَالَ: أنشدنا ثعلب:
إذا ما شئت أن تبلو صديقا فجرب وده عند الدراهم
فعند طلابِهَا تبدو هنات وتعرف ثم أخلاق الأكارم
أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج عَلِيّ بْن الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر الخطيب، بالنهروان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن نصر الذارع، قَالَ: سمعت ثعلبا ينشد:
إذا أَنْتَ لم تلبس لباسا من التقى تقلبت عريانا وإن كنت كاسيا
حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ البصري، قَالَ: حَدَّثَنَا منصور بْن مُحَمَّد الحربي، قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد الزهري، يقول: كَانَت بيني وبين أَبِي الْعَبَّاس ثعلب مودة وكيدة، وكنت أستشيره فِي أموري، فجئته يوما أشاوره فِي الانْتَقال من محلة إِلَى أخرى لتأذيي بالجوار، فَقَالَ لي: يا أبا مُحَمَّد، العرب تقول: صبرك عَلَى أذى من تعرف، خير لَكَ من استحداث من لا تعرف.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أَبِي جَعْفَر القطيعي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق الجلاب، قَالَ: قيل لإبراهيم الحربي: إن ثعلبا يلحن فِي كلامه! فَقَالَ: أيش يكون إذا لحن فِي كلامه؟ كَانَ هِشَام يَعْنِي النحوي يلحن فِي كلامه، وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يكلم صبيانه وأهله بالنبطية.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن الفضل القطان، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش المقرئ أن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس أخبرهم، قَالَ: كتب أَبُو الْعَبَّاس عَبْد اللَّهِ بْن المعتز إِلَى أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى:
ما وجد صاد فِي الحبال موثق بماء مزن بارد مصفق
بالريح لم يطرق ولم يرنق جادت بِهِ أخلاف دجن مطبق
فِي صخرة لم تر شمسا تبرق فهو عليها كالزجاج الأزرق
صريح غيث خالص لم يمذق إلا كوجدي بك لكن أتقي
يا فاتحا لكل باب مغلق وصيرفِيا ناقدا للمنطق
إن قَالَ هذا بهرج لم ينفق إنا عَلَى البعاد وَالتفرق
لنلتقي بالذكر إن لم نلتق فأجابه أَبُو الْعَبَّاس ثعلب فِي فصل من رقعته: نحن وإن لم نلتقي كما قَالَ رؤبة:
إني وإن لم ترني فإنني أراك بالغيب وإن لم ترني
أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عَلِيّ البزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ السيرافِي، قَالَ: أنشدنا أَبُو بَكْر بْن أَبِي الأزهر لنفسه:
شكا ما بِهِ من هو منصب إِلَى إلفه الأوصب الأنصب
فباتا يخدان حر الخدود بفِيض دموعهما السكب
ويعتنقان وقلباهما عَلَى مثل جمر الغضا الملهب
إِلَى أن بدا فِي الدجى ساطع من الصبح يسطو عَلَى الغيهب
فَيَا حسنها ليلة لو تمد طوَال الدهور فلم تذهب
وهل ترجعن بلذاتها عَلَى حال أمن من الرقب
أيا طَالِب العلم لا تجهلن وعذ بالمبرد أَبُو ثعلب
تجد عند هذين علم الورى فلا تك كالجمل الأجرب
علوم الخلائق مقرونة بهذين فِي الشرق وَالمغرب
قلت: كَانَ بين أَبُوي الْعَبَّاس ثعلب وَالمبرد منافرات كثيرة، وَالناس مختلفون فِي تفضيل كل واحد منهما عَلَى صاحبه.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الحسين صاحب الْعَبَّاسي، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن سَعِيد المعدل، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ الحسين بْن الْقَاسِم الكوكبي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عَلِيّ بوقة، قَالَ: كنت عند أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب إذ جاءه إنسان جاهل، فَقَالَ: يا أبا الْعَبَّاس قد هجاك المبرد فَقَالَ بماذا؟ فأنشده:
أقسم بالمبتسم العذب مشتكي الصب إِلَى الصب
لو كتب النحو عَنِ الرب ما زاده إلا عمى القلب
قَالَ فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أنشدني من أنشده أَبُو عمرو بْن العلاء:
شاتمني عَبْد بني مِسْمَعٍ فصنت عنه النفس وَالعرضا
ولم أجبه لاحتقاري له ومن يعض الكلب إن عضا
حَدَّثَنِي أَبُو طاهر أَحْمَد بْن نجا بْن عَبْد الصمد البزاز، قَالَ: سمعت أبا أَحْمَد الفرضي، يقول: سمعت أبا مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن الخراساني المعدل، يقول: قَالَ لي أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر، قَالَ لي أَبِي: حضرت مجلس أخي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر، وحضره أبو العباس أحمد بن يحيى، وأبو العباس محمد بن يزيد النحويان، فقال لي أخي مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ: قد حضر هذان الشيخان، وأَنَا أحب أن أعرف أيهما أعلم، أو نحو هذا من الكلام، فاجلس فِي الدار الفلانية، قد سماها ويحضر هذان الشيخان بحضرتك، ويتناظران، ففعلت ما أمر وحضرا، فتناظرا فِي شيء من علم النحو مما أعرفه، فكنت أشاركهما فِيهِ، إِلَى أن دققا فلم أفهم، ثم عدت إليه بعد انقضاء الملجس فسألني، فقلت: إنهما تكلما فِيما أعرف فشاكرتهما فِي معرفتي، ثم دققا فلم أعرف ما قَالا، ولا وَالله يا سيدي ما يعرف أعلمهما إلا من هو أعلم منهما، ولست ذاك الرجل فَقَالَ لي أخي: أحسنت وَالله، هذا أحسن، يَعْنِي اعترافه بذلك.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر التميمي بالكوفة، قَالَ: قَالَ لنا أَبُو عُمَر: يَعْنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد: سألت أبا بكر بْن السراج، فقلت: أي الرجلين أعلم، أثعلب أم المبرد؟ فَقَالَ: ما أقول فِي رجلين العالم بينهما قَالَ: ولما مات المبرد وقف رَجُل عَلَى ثعلب، فَقَالَ:
بيت من الأداب أصبح نصفه خربا وسائر نصفه فسيخرب
مات المبرد وانقضت أيامه ومع المبرد سوف يذهب ثعلب
وأرى لكم أن تكتبوا ألفاظه إذ كَانَت الألفاظ مما يكتب
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الحسين المحتسب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى المعروف بابن العلاف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَر الزاهد، قَالَ: كنت فِي مجلس أَبِي الْعَبَّاس ثعلب؛ فسأله سائل عَن شيء، فَقَالَ لا أدري، فَقَالَ له: أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الإبل، وإليك الرحلة من كل بلد؟! فَقَالَ له ثعلب لو كَانَ لأمك بعدد مالا أدري بعر لاستغنت.
أَنْبَأَنِي الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن سلامة بْن جَعْفَر القضاعي المصري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بْن يَعْقُوب بْن إسماعيل بْن خرزاذ النجيرمي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَلِيّ بْن أَحْمَد المهلبي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الروذباري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الملك التاريخي قَالَ: أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب فاروق النحويين، وَالمعاير عَلَى اللغويين من الكوفِيين وَالبصريين، أصدقهم لسانا، وأعظمهم شأَنَا، وأبعدهم ذكرا، وأرفعهم قدرا، وأصحهم علما، وأوسعهم حلما، وأتقنهم حفظا، وأوفرهم حظا فِي الدين وَالدنيا.
حَدَّثَنِي الفضل بْن سلمة بْن عاصم، قَالَ: رأس أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب النحوي، واختلف الناس إليه فِي سنة خمس وعشرين ومائتين.
وَقَالَ التاريخي: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي يقول، وقد تكلم الناس فِي الاسم وَالمسمى: أن أبا الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى النحوي قد كره الكلام فِي الاسم وَالمسمى، وقد كرهت لكم ما كره أَحْمَد بْن يَحْيَى، ورضيت لكم ولنفسي ما رضى أَحْمَد بْن يَحْيَى.
وَقَالَ التاريخي: سمعت أبا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يزيد المبرد يقول: أعلم الكوفِيين ثعلب، فذكر له الفراء، فَقَالَ لا يَعْشُرُهُ.
قَالَ التاريخي: وكَانَ أَبُو الصقر إسماعيل بْن بلبل الشيباني قد ذكر أبا الْعَبَّاس ثعلبا للناصر لدين اللَّه الموفق بالله، وأخرج له رِزْقًا سَنِيًّا سُلْطَانِيًّا، فحسن موضع ذلك من أهل العلم وَالأدب، وَقَالَ قائلهم لأبي الصقر وأبي الْعَبَّاس فِي أبيات ذكرها: وعمرو فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده فرأيت تلك الليلة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام فَقَالَ لي: أقرئ أبا الْعَبَّاس مني السلام وقل له: إنك صاحب العلم المستطيل، قال ابن سختويه: قَالَ لنا أَبُو عَبْد اللَّهِ الروذباري: أراد الكلام بِهِ يكمل، وَالخطاب بِهِ يجمل، وَقال ابن بدر: قَالَ لنا الروذباري: أراد أن جميع العلوم مفتقرة إليه.
فيا جبلي شيبان لا زلتما لها حليفِي فخار فِي الورى وتفضل
فهذا ليوم الجود وَالسيف وَالقنا وَأَنْتَ لبسط العلم غير مبخل
عليك أبا الْعَبَّاس كُلُّ مُعَوِّلٍ لأنك بعد اللَّه خير معول
فككت حدود النحو بعد انغلاقه وأوضحته شرحا وتبيان مشكل
فكم ساكن فِي ظل نعمتك التي عَلَى الدهر وأبقى من ثَبِيرٍ وَيَذْبُلِ
فأصبحت للإخوان بالعلم ناعشا وأخصبت منه منزلا بعد منزل
قَالَ وَقَالَ بعض أصحابه، يَعْنِي أصحاب أَبِي الْعَبَّاس، يرثيه:
مات ابْن يَحْيَى فماتت دولة الأدب ومات أَحْمَد أنحى العجم وَالعرب
فإن تولى أَبُو الْعَبَّاس مفتقدا فلم يمت ذكره فِي الناس وَالكتب
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يَعْقُوب الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن قفرجل، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى، قَالَ: كنا يوما عند أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى فضجر، فَقَالَ له شيخ خضيب من الطاهرية لو علمت مالك من الأجر فِي إفادة الناس العلم لصبرت عَلَى أذاهم، فَقَالَ: لولا ذاك ما تعذبت ثم انشد بعقب هذا:
يعابثن بالقضبان كل مفلج بِهِ الظلم لم تفلل لهن غروب
رضابا كطعم الشهد يحلو متونه من الضرو أو غصن الأراك قضيب
أولئك لولاهن ما سقت نضوة لحاج ولا استقبلت برد جنوب
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري حفظا، قَالَ: سمعت أبا الْقَاسِم عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن سختويه وَالحسين بْن سُلَيْمَان بْن بدر الصوريين يقولان: سمعنا أبا عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن عطاء الروذباري، يقول: سمعت أبا بكر بْن مجاهد، يقول: كنت عند أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب، فَقَالَ لي: يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغل أصحاب الحَدِيث بالحَدِيث ففازوا، واشتغلت أَنَا بزيد
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر الأخرم، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَلِيّ عِيسَى بْن مُحَمَّد الطوماري، قَالَ: أنشدنا أَبُو الْعَبَّاس ثعلب:
مضى أمس بما فِيهِ ويومي ما أرجيه
ولي فِي غد الجائي جمام سوف أقضيه
فإما سوف يمضيني وإما سوف أمضيه
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَبْد اللَّهِ الحسين بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الكاتب، قَالَ: أنشدنا إِسْحَاق بْن أَحْمَد الكاذي، قَالَ: أنشدنا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب:
بلغت من عمري ثمانينا وكنت لا آمل خمسينا
والحمد لِلَّهِ وشكرا له إذ زاد فِي عمري ثلاثينا
وأسأل اللَّه بلوغا إِلَى مرضاته آمين آمينا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلِيّ الخطبي، قَالَ: مات أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى النحوي المعروف بثعلب يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين، وكَانَ مولده سنة مائتين.
قلت: ودفن فِي مقبرة باب الشام وقبره هناك ظاهر معروف.

نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 6  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست