responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 4  صفحه : 284
1482 - محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان أبو عبد الله الضرير مولى أبي جعفر المنصور ويعرف بأبي العيناء أصله من اليمامة، ومولده بالأهواز، ومنشؤه بالبصرة، وبها كتب الحديث وطلب الأدب.
وسمع من أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي سعيد الأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وأبي زيد الأنصاري، ومحمد بن عبيد الله العتبي، وغيرهم.
وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا، وأسرعهم جوابا، وأحضرهم نادرة.
وقيل إن بصره كف وقد بلغ أربعين سنة، وانتقل من البصرة إلى بغداد، فسكنها وكتب عنه أهلها.
وروى عنه: أحمد بن محمد بن عيسى المكي، وأبو عبد الله الحكيمي، ومحمد بن يحيى الصولي، ومحمد بن العباس بن نجيح، وأبو بكر الأدمي القارئ، وأحمد بن كامل القاضي، وغيرهم.
ولم يسند من الحديث إلا القليل، والغالب على رواياته الأخبار والحكايات.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي، قَالَ: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني، قَالَ: أَخْبَرَنِي علي بن يحيى، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر، عن أبيه، عن محمد بن صالح بن النطاح مولى بني هاشم، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: طلب المنصور رجالا ليكونوا بوابين له.
فقيل له: إنه لا يضبط هذا إلا قوم لئام الأصول، أنذال النفوس، صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة.
فكتب إلى السري بن عبد الله الهاشمي، وكان واليه على اليمامة، فاشترى له مائتي غلام من اليمامة، فاختار بعضهم، فصيرهم بوابين، وبقى الباقون، فكان ممن بقى خلاد جد أبي العيناء، وحسان جد إبراهيم بن عطاء، وجد أحمد بن الحارث الخزاز راوية المدائني أَخْبَرَنِي أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب، قَالَ: حَدَّثَنِي جدي محمد بن عبيد الله بن قفرجل، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم بن خلاد أبو العيناء، قَالَ: دعا المنصور جدي خلادا، وكان مولاه، فقال له: أريدك لأمر قد همني، وقد اخترتك له، وأنت عندي كما قَالَ أبو ذؤيب الهذلي:
مدنف عاد في النحول إلى مثل دقة الألف
يشرك الطير في النحيب ولا يشركه في القصف
قَالَ أبو بكر: هكذا روى لنا ابن المرزباني هذين البيتين، والصواب:
ومدنف عاد في النحول إلى مثل خيال كدقة الألف
يشرك الطير في النحيب ولا يشركه في النحول والقصف
أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن عبد الله النيسابوري، قَالَ: أخبرنا حمزة بن علي الأسروشني، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بن محمد بن حبيب المذكر، قَالَ: أنشدني عبد العزيز بن محمد بن النضر الفهري لماني:
زعموا أن من تشاغل باللذات عن من يحبه يتسلى
كذبوا والذي تساق له البدن ومن عاذ بالطواف وصلى
إن نار الهوى أحر من الجمر على قلب عاشق يتقلى
وَقَالَ ابن حبيب: أنشدنا أبو عرابة يحيى بن المتمم الدوسي لماني:
شادن وجهه من البدر أوضا بعضه في الجمال يعشق بعضا
بأبي من يزرفن الصدغ بالعنبر في خده المورد عرضا؟
أين للورد مثل ورد بخديك إذا ما قطفته صار غضا
ليس يعطيك ذاك منه سوى الشم وهذا يعطيك شما وعضا
أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، قَالَ: أنشدنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد لله بن زياد القطان لماني:
هيف الخصور قواصد النبل قتلننا بالأعين النجل
كحل الجمال جفون أعينها فغنين عن كحل بلا كحل
وكأنهن إذا أردن خطى يقلعن أرجلهن من وحل
ألكنى إليها وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر
فقال له: أرجو أن أبلغ رضى أمير المؤمنين، فقال: صر إلى المدينة على أنك من شيعة عبد الله بن حسن، وابذل له الأموال واكتب إلى بأنفاسه وأخبار ولده، فأرضاه.
ثم علم عبد الله بن حسن أنه أتى من قبله، فدعا عليه وعلى نسله بالعمى.
قَالَ: فنحن نتوارث ذاك إلى الساعة
(984) -[4: 286] أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ النَّحْوِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْهِنْدِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ آتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي " فَجَاءَ عَلِيٌّ فَحَجَبْتُهُ مَرَّتَيْنِ، فَجَاءَ فِي الثَّالِثَةِ، فَأَذِنْتُ لَهُ.
فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ مَا حَبَسَكَ؟ " قَالَ: هَذِهِ ثَلاثُ مَرَّاتٍ قَدْ جِئْتُهَا، فَحَجَبَنِي أَنَسٌ.
قَالَ: " لِمَ يَا أَنَسُ؟ " قَالَ: سَمِعْتُ دَعْوَتَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمَهُ ".
غَرِيبٌ بِإِسْنَادِهِ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَيْنَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو الْهِنْدِيِّ مَجْهُولٌ وَاسْمُهُ لا يُعْرَفُ. أخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمل المالكي، قَالَ: قَالَ لنا أبو الحسن الدارقطني: أبو العيناء ليس بقوي في الحديث أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، قَالَ: حدثنا أبو محمد الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت ويعرف بالنوبختى، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسين محمد بن سليمان الجوهري البصري المعروف بجوذاب، قَالَ: قدم أبو العيناء واسمه محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله اليمامي البصرة في سنة ثمانين ومئتين.
فنزل دار الحويتي في سكة ابن سمرة، فكنا نصير إليه نجالسه ونسمع كلامه، ونكتب ما يجرى في المجلس من أخباره: فسأله رجل، فقال: يا أبا عبد الله كيف كنيت أبا العيناء؟ قَالَ: قلت لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري: يا أبا زيد كيف تصغر عينا؟ فقال عيينا يا أبا العيناء، فلحقت بي منذ ذاك حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن رزق البزاز وأبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر المعدل وأبو العلاء محمد بن الحسن الوراق؛ قالوا: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، قَالَ: حدثنا أبو العيناء محمد بن القاسم، قَالَ: أتيت عبد الله بن داود الخريبي، فقال: ما جاء بك؟ قلت: الحديث.
قَالَ: اذهب فتحفظ القرآن.
قَالَ: قلت: قد حفظت القرآن.
قَالَ: اقرأ {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}.
قَالَ فقرأت العشر حتى أنفدته.
قَالَ: فقال لي: اذهب الآن فتعلم الفرائض، قَالَ: قلت: قد تعلمت الصلب والجد والكبر.
قَالَ: فأيما أقرب إليك؟ ابن أخيك أو ابن عمك؟ قَالَ: قلت: ابن أَخِي.
قَالَ: ولم؟ قَالَ:: لأن أَخِي من أبي وعمى من جدي.
قَالَ: اذهب الآن فتعلم العربية.
قَالَ: قلت: علمتها قبل هذين.
قَالَ: فلم قَالَ عمر بن الخطاب، يعني حين طعن: يالَ الله يالَ المسلمين لم فتح تلك وكسر هذه؟ قَالَ: قلت: فتح تلك اللام على الدعاء وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار.
قَالَ: فقال لو حدثت أحدا حدثتك واللفظ لأبي الفرج أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عمران بن موسى الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق، قَالَ: حَدَّثَنِي علي بن سليمان الأخفش، قَالَ: سمعت أبا العيناء، يقول: كنت في أيام الواثق مقيما بالبصرة فكنت يوما في الوراقين بها إذ رأيت مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الأداة، فقلت له: ناد عليه بالبراءة مما فيه، وأنا أعنى به أداته، فأقبل المنادي ينادى بذلك، فاجتمع أهل السوق والمارة على المنادي وقالوا له: يا عدو الله تنادي على مصحف بالبراءة مما فيه؟ قَالَ وأوقعوا به، فقال لهم: ذلك رجل القاعد أمرني بذلك.
قَالَ: وأقبلوا إلى وتجمعوا عليَّ ورفعوني إلى الوالي وعملوا على محضرا وكتب في أمري إلى السلطان، فأمر بحملي، فحملت مستوثقا مني. قَالَ: واتصل خبري بأبي عبد الله بن أبي داؤد، فتكفل بأمري والفحص عما قرفت به، وأخذني إليه، ففك وثاقي.
قَالَ: تجمعت العامة وبالغوا في التشنيع علي، ومتابعة رفع القصص في أمري، فقلت لابن أبي داؤد: قد كثر تجمع هؤلاء الهمج عليّ وهم كثير، فقال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}.
فقلت: قد بالغوا في التشنيع عليّ.
فقال: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ} قلت فإني على غاية الخوف من كيدهم، ولن يخرج أمري عن يدك.
فقال: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}.
فقلت: القاضي، أعزه الله، كما قَالَ الصموت الكلابي لله الرجال غلام الدواة والقرطاس، اكتب هذه الأبيات عن أبي عبد الله.
قَالَ: فكتبت له، ولم يزل يتلطف في أمري حتى تخلصني أخبرنا أبو يعلي أحمد بن عبد الواحد الوكيل، قَالَ: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي، قَالَ: قَالَ أبو العيناء قَالَ لي ابن أبي دؤاد: ما أشد ما أصابك في ذهاب بصرك؟ قلت: خلتان، يبدءوني قومي بالسلام، وكنت أحب أن ابتدئهم، وإني ربما حدثت المعرض عني وكنت أحب أن أعرف ذاك فأقطع عنه حديثي.
قَالَ: أما من ابتدأك بالسلام فقد كافأته بحسن النية، وأما من أعرض، عن حديثك فما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما وصل إليك من سوء اجتماعه أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمران المرزباني، قَالَ: أَخْبَرَنِي محمد بن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العيناء، قَالَ: قَالَ لي المتوكل: قد أردتك لمجالستي.
فقلت: لا أطيق ذاك، وما أقول هذا جهلا بما لي في هذا المجلس من الشرف، ولكني رجل محجوب، والمحجوب تختلف إشارته ويخفى عليه إيماؤه، ويجوز علي أن أتكلم بكلام غضبان ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت.
فقال: صدقت ولكن تلزمنا.
فقلت: لزوم الفرض الواجب.
فوصلني بعشرة آلاف درهم قَالَ: ورُوِيَ أَنَّ المتوكل، قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير.
فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، ونقش الخواتيم، فإني أصلح.
أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، قَالَ: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، قَالَ: أنشدنا أحمد بن أبي طاهر لنفسه في أبي العيناء محمد بن القاسم كنا نخاف من الزمان عليك إذ عمى البصر لم ندر أنك بالعمى Q Q تغنى ويفتقر البشر
أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قَالَ: حَدَّثَنَا المعافَى بن زكريا الجريري، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم الأنباري، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن المرزبان، قَالَ: قَالَ لي أبو العيناء الضرير: مدحني أبو العالية
كتبت لابن قاسم مأثرات Q Q فهو للخير صاحب وقرين
أحول العين والمودة زين ليس للمرء شائنا حول العين
أبو بكر قَالَ لي محمد بن المرزبان: فقلت لأبي العيناء: يا أبا عبد الله، وكنت قبل أن يذهب بصرك أحول؟ من حول إلى عمى؟ من سقم إلى بلاء؟ فقال لي: ما صعد إلى السماء اليوم أشنع من هذا، ابن المرزبان يتنادر على أبي العيناء! أَخْبَرَنِي الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عمران الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن أبي الأزهر، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو العيناء محمد بن القاسم، قَالَ: كان لي صديق فجاءني يوما، فقال لي: أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت من صديقة؟ فقيل لي: أبو عثمان الجاحظ، وهو صديقك، فأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية.
قَالَ: فصرت إلى الجاحظ، فقال لي: في أيشيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسلما وقاضيا للحق وفي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا.
فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بهذا الكتاب.
فلما كان من الغد وجه إليّ بالكتاب، فقلت لابني: وجه بهذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته، لي: إن أبا عثمان بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا فيه: كتابي إليك مع لا أعرفه، فقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذممك.
فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فورى، فقال: يا أبا عبد الله قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب.
فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال لا، هذه علامة بيني وبين الرجل فيمن اعتنى به.
فقلت لا إله إلا الله، ما رأيت أحدا أعلم بطبعك ولا بما جبلت عليه من هذا الرجل، علمت أنه لما قرأ الكتاب قَالَ: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف، وأم من يسأله حاجة.
فقلت: يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال: هذه علامتي فيمن اشكره! وَأَخْبَرَنِي الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عمران، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الواحد بن محمد الخصيبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو يوسف عبد الرحمن بن محمد الكاتب، قَالَ: كان الجاحظ يتقلد في خلافة إبراهيم بن العباس على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء، فلما أراد أن يخرج من عنده تقدم إلى من يحجبه أن لا يدعه يخرج ولا يدعه يرجع إليه إن أراد الرجوع، فخرج أبو العيناء يريد الانصراف، فمنع من الخروج ومن الرجوع إلى الجاحظ، فنادى أبو العيناء بأعلى صوته: يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك أَخْبَرَنِي أبو بكر البرقاني، قَالَ: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قَالَ: كتب أبو العيناء إلى صديق له ولي ولاية: أما بعد، فإني لا أعظك بموعظة الله لأنك عنها غنى، ولا أخوفك إياه لأنك أعلم به مني، ولكني أقول كما قَالَ الأول أحار ابن بدر السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر، وما هذه الوصية التي أوصى بها يعقوب بنيه، ولكن رأيت الحزم في أخذ العاجل، وترك الأجل أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري، قَالَ: سمعت أبا عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأبي العيناء يعزى جدي أبا بكر بن أبي عدي على زوجته فاطمة بنت الحسن بن عمران بن ميسرة، فقال: إذا كان سيدنا أدام الله عزه، البقية، ودفعت عنه الرزية، كانت التعزية تهنئة، والمصيبة نعمة ثم جلس وأنشد الحسن بن علي الجوهري، قَالَ: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قَالَ: أنشدنا محمد بن القاسم أبو العيناء لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي Q Q على نفسه حقا على بواجب وما أنا للنائي على الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عمران، قَالَ: حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق، قَالَ: قَالَ ابن وثاب لأبي العيناء أنا والله أحبك بكليتي.
فقال: إلا عضوا واحدا؟ فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد، فقال: لقد وفق في التحديد عليه
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب، قَالَ: أخبرنا المرزباني، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن أحمد الكاتب، قَالَ: حدثنا أبو العيناء، قَالَ: قَالَ لي المنتصر يوما: ما أحسن الجواب؟ فقلت: ما أسكت المبطل، وحير المحق.
فقال: أحسنت والله أخبرنا أبو القاسم الأزهري وأحمد بن عبد الواحد الوكيل، قالا: أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الصولي، عن أبي العيناء، قَالَ: كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها، أني مررت بسوق النخاسين يوما، فرأيت غلاما ينادى عليه، وقد بلغ ثلاثين دينارا، وهو يساوى ثلاث مائة دينار، فاشتريته وكنت أبني دارا، فدفعت إليه عشرين دينار على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة، فقال: قد نفذت النفقة.
فقلت: هات حسابك، فرفع حسابا بعشرة دنانير.
قلت: فأين الباقي؟ قَالَ: اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته.
قلت: ومن أمرك بهذا؟ فقال: يا مولاي لا تعجل، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالدين على مواليهم.
فقلت في نفسي أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم قَالَ: وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سرا من ابنة عمي، فقلت له يوما: أفيك خير؟ قَالَ: أي لعمري.
فأطلعته على الخبر، فقال أنا نعم العون لك.
فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا، فقلت له: اشتر لنا كذا وكذا ويكون فيما تشريه سمك هازبي؟ فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنه اشترى سمكا مار ماهى فغاظني، فقلت له: أليس أمرتك أن تشتري هازبي؟ قَالَ: بلى، ولكني رأيت بقراط، يقول: إن الهازبي يولد السوداء، ويصف المارماهى ويقول إنه أقل غائلة.
فقلت له: يابن الفاعلة أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه فضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه أخذني وأخذ المقرعة فضربني سبع مقارع، وَقَالَ: يا مولاي الأدب ثلاث، والسبع فضل، ولذلك قصاص، فضربتك هذه السبع المقارع خوفا عليك من القصاص يوم القيامة.
قَالَ: فغاظني جدا فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي، فقال لها: يا مولاتي إن الدين النصيحة، وقد قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من غشنا فليس منا " وأنا أعلمك يا مولاتي أن مولاي قد تزوج واستكتمني، فلما قلت له: لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني.
فمنعتنى بنت عمي من دخول الدار وحالت بيني وبين ما فيها، ووقعنا في تخليط، فلم أر الأمر يصلح إلا بتطليق المرأة التي تزوجتها، وصلح أمري مع ابنة عمى، وسمت الغلام الناصح، فلم يكن يتهيأ لي أن أكلمه، فقلت: أعتقه وأستريح فلعله أن يمضي عني إلى النار.
فلما أعتقته لزمني، وَقَالَ: الآن وجب حقك علي، ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج، فغاب عني عشرين يوما ورجع.
فقلت له: لم رجعت؟ قَالَ: قطع الطريق وفكرت فإذا الله تعالى يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فكنت غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت.
ثم أراد الغزو فجهزته أيضا لذلك وشخص.
فلما غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفا من أن يرجع قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي، قَالَ: مات أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان المعروف بأبي العيناء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وحمل في تابوت إلى البصرة.
وكان مولده بالأهواز في سنة إحدى وتسعين ومائة ومنشؤه بالبصرة، وولاؤه للمنصور، وكان ضريرا يخضب بالحمرة خضابا ليس بالمشبع وكان فصيحا سريع الجواب قرأت بخط أبي الحسن الدارقطني: مات أبو العيناء الضرير سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
وكان خرج من بغداد يريد البصري في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فما سلم منها غيره فلما صار إلى البصرة مات
ومتاع دنيا أنت للحدثان
متخمط يطأ
وطء الفنيق دوارج القردان
ويكبهم حتى كأن رءوسهم مأمونة تنحط للغربان
ويفرج الباب الشديد رتاجه حتى يصير كأنه بابان
قَالَ: يا
قَالَ
فكن جرذا منها تخون وتسرق
وكاثر تميما بالغنى إنما الغنى لسان به المرء الهيوبة ينطق
واعلم أن الخيانة فطنة، والأمانة حرفة، والجمع كيس، والمنع صرامة، وليس كل يوم ولاية، فاذكر أيام العطلة، ولا تحقرن صغيرا، فإن من الذود إلى الذود إبلاء، والولاية رقدة فتنبه قبل أن تُنَبَّهُ، وأخو
نحن ومن في الأرض نفديكا لا زلت تبقى ونعزيكا
أخبرنا
بودي وصافى خلتي بمقارب
ولكنه إن مال يوما بجانب من الصد والهجران ملت بجانبي
أَخْبَرَنِي

نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 4  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست