responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 3  صفحه : 382
937 - محمد أمير المؤمنين المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب يكنى أبا عبد الله وأمه أم موسى بنت منصور الحميرية.
ولد بإيذج في سنة سبع وعشرين ومائة، واستخلف يوم مات المنصور بمكة، وقام بأمر بيعته الربيع بن يونس، وأتاه بالخبر منارة البربري مولاه في يوم الثلاثاء لست عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، والمهدي إذ ذاك ببغداد، فأقام بعد قدوم منارة يومين لم يظهر الخبر، ثم خطب الناس يوم الخميس، ونعى لهم المنصور، وبويع بيعة العامة، وذلك في سنة ثمان وخمسين ومائة.
(664) أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ، يَعْنِي: ابْنَ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، يَعْنِي: ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنَّا ثَلاثَةٌ؛ مِنَّا الْمَنْصُورُ، وَمِنَّا السَّفَّاحُ، وَمِنَّا الْمَهْدِيُّ،.
وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، فَغَنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا
(665) -[3: 383] أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاتِمٍ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَزَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْمَهْدِيُّ يُواطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي "
(666) وأخبرنا أبو نعيم الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا الطبراني، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا نعيم بن حماد، قَالَ: حَدَّثَنَا بقية وعبد القدوس، يعني: ابن الحجاج، عن صفوان، عن شريح بن عبيد، عن كعب، قَالَ: ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم، غير أن له أصلا ونسبا في اليمن أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي بكر، قَالَ: كتب إلي محمد بن إبراهيم الجوري يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن يونس الضبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو حسان الزيادي، قَالَ: سنة ثمان وخمسين ومائة بها بويع المهدي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ويكنى أبا عبد الله، وأمه أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن شهر بن ذي شهير بن أبي سرح بن شرحبيل بن زيد بن ذي مثوب بن الأشهل بن مثوب بن الحارث بن شمر ذي الجناح بن لهيعة بن ينعم بن يعفر بن يكنف من ولد ذي رعين من حمير، وأمها بريرية، يقال لها: أروى، بويع يوم مات أبو جعفر بمكة، وكان مولده سنة سبع وعشرين ومائة، وكان طويلا، أسمر، جعدا، بعينه اليمنى نكتة بياض
(667) أَخْبَرَنَا الحسن بن محمد الجوهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم بن خلاد، قَالَ: حَدَّثَنَا، قَالَ: لما جدد المهدي البيعة لنفسه بعد وفاة المنصور كان أول من هنأه بالخلافة وعزاه أبو دلامة، فقال:
عيناي واحدة ترى مسرورة بأميرها جذلي وأخرى تذرف
تبكي وتضحك تارة ويسوءها ما أنكرت ويسرها ما تعرف
فيسوءها موت الخليفة محرما ويسرها أن قام هذا الأرأف
ما إن رأيت كما رأيت ولا أرى شعرا أرجله وآخر ينتف
هلك الخليفة يال أمة أحمد وأتاكم من بعده من يخلف
أهدى لهذا الله فضل خلافة ولذاك جنات النعيم تزخرف
قَالَ: فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِالنِّدَاءِ بِالرَّصَافَةِ: إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، وَخَطَبَ فَنَعَى الْمَنْصُورُ، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدٌ دُعِيَ فَأَجَابَ، وَأُمِرَ فَأَطَاعَ، وَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَكَى عِنْدَ فِرَاقِ الأَحِبَّةِ، وَلَقَدْ فَارَقْتُ عَظِيمًا وَقُلِّدْتُ جَسِيمًا، وَعِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْتَعِينُ عَلَى خِلافَةِ الْمُسْلِمِينَ
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أبو العباس المنصوري، قَالَ: لما حصلت في يد المهدي الخزائن والأموال وذخائر المنصور أخذ في رد المظالم، وأخرج ما في الخزائن ففرقه حتى أكثر من ذلك، وبر أهله وأقرباءه ومواليه وذوي الحرمة به، وأخرج لأهل بيته أرزاقا لكل واحد منهم في كل شهر خمس مائة درهم لكل رجل ستة آلاف درهم في السنة، وأخرج لهم في الأقسام لكل رجل عشرة ألف درهم، وزاد بعضهم، وأمر ببناء مسجد الرصافة، وحاط حائطها، وخندق خندقها، وذلك كله في السنة التي قدم فيها مدينة السلام أَخْبَرَنَا الحسن بن علي الجوهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بن أحمد المروذي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حكى لنا عن الربيع، أنه قَالَ: مات المنصور وفي بيت المال شيء لم يجمعه خليفة قط قبله؛ مائة ألف ألف درهم وستون ألف ألف درهم، فلما صارت الخلافة إلى المهدي قسم ذلك وأنفقه، وَقَالَ الربيع: نظرنا في نفقة المنصور فإذا هو ينفق في كل سنة ألفي درهم مما يجيء من مال الشراة وأخبرنا الجوهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن العباس، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بن أحمد، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: أخبرت أن الربيع، قَالَ: فتح المصنور يوما خزانة مما قبض من خزائن مروان بن محمد فأحصى فيها اثنا عشر ألف عدل خز، فأخرج منها ثوبا، وَقَالَ: يا ربيع، اقطع من هذا الثوب جبتين، لي واحدة ولمحمد واحدة، فقلت لا يجيء منه هذا، قَالَ: فاقطع لي منه جبة وقلنسوة، وبخل بثوب آخر يخرجه للمهدي، فلما أفضت الخلافة إلى المهدي أمر بتلك الخزانة بعنيها ففرقت على الموالي والغلمان والخدم أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد الدمشقي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الزبير بن بكار، قَالَ: أَخْبَرَنِي يونس بن عبد الله الخياط، قَالَ: دخل ابن الخياط المكي على أمير المؤمنين المهدي وقد مدحه، فأمر له بخمسين ألف درهم، فلما قبضها فرقها على الناس، وَقَالَ:
أخذت بكفي كفه أبتغي الغنى ولم أدرأن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى أفدت وأعداني فبددت ما عندي
فنمى إلى المهدي، فأعطاه بدل كل درهم دينارا أَخْبَرَنَا سلامة بن الحسين المقرئ، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا هارون بن ميمون الخزاعي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو حزية الباذغيسي، قَالَ: قَالَ المهدي أمير المؤمنين: ما توسل إلي أحد بوسيلة، ولا تذرع بذريعة، هي أقرب إلى ما يحب من تذكيري يدا سلفت مني إليه أتبعها أختها، وأحسن ربها؛ لأن منع الأواخر يقطع شكر الأوائل أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الواحد بن محمد الأكبر، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن العباس، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن خلف بن المرزبان، قَالَ: أَخْبَرَنِي محمد بن الفضل، قَالَ: أَخْبَرَنِي بعض أهل الأدب عن حسن الوصيف، قَالَ: قعد المهدي قعودا عاما للناس، فدخل رجل وفي يده نعل في منديل، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه نعل رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أهديتها لك، فقال: هاتها، فدفعها إليه، فقبل باطنها ووضعها على عينيه، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم، فلما أخذها وانصرف، قَالَ لجلسائه: أترون أني لم أعلم أن رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرها فضلا عن أن يكون لبسها؟ ولو كذبناه، قَالَ للناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردها علي، وكان من يصدقه أكثر ممن يدفع خبره، إذ كان من شأن العامة الميل إلى أشكالها، والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما، فاشترينا لسانه، وقبلنا هديته، وصدقنا قوله، ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطاهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله بن المغيرة، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا الزبير بن بكار، قَالَ: حَدَّثَنِي المدائني، قَالَ: دخل على المهدي رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إن المنصور شتمني وقذف أبي، فإما أمرتني أن أحلله وإما عوضتني فاستغفرت له، قَالَ: ولم شتمك؟ قَالَ: شتمت عدوه بحضرته فغضب، قَالَ: ومن عدوه الذي غضب لشتمه؟ قَالَ: إبراهيم بن عبد الله بن حسن، قَالَ: إن إبراهيم أمس به رحما، وأوجب عليه حقا، فإن كان شتمك كما زعمت فعن رحمه ذب، وعن عرضه دفع، وما أساء من انتصر لابن عمه، قَالَ: إنه كان عدوا له، قَالَ: فلم ينتصر للعداوة إنما انتصر للرحم، فأسكت الرجل، فلما ذهب ليولي، قَالَ: لعلك أردت أمرا فلم تجد له ذريعة عندك أبلغ من هذه الدعوى؟ قَالَ: نعم، فتبسم ثم أمر له بخمسة آلاف درهم أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن خلف بن المرزبان، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الحسن عبد الله بن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن زياد، قَالَ: دخل مروان بن أبي حفصة على المهدي وعنده جماعة، فأنشده: صحا بعد جهل واسترخت عواذله قَالَ: فقال لي: ويلك كم هي بيتا؟ قلت: يا أمير المؤمنين سبعون بيتا، قَالَ: فإن لك عندي سبعين ألفا، قَالَ: فقلت في نفسي: بالنسيئة، إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قلت: يا أمير المؤمنين، اسمع مني أبياتا حضرت، فما في الأرض أنبل من كفيلي، قَالَ: هات، فاندفعت فأنشدته:
كفاكم بعباس أبي الفضل والدا فما من أب إلا أبو الفضل فاضله
كأن أمير المؤمنين محمدا أبا جعفر في كل أمر يحاوله
إليك قصرنا النصف من صلواتنا مسيرة شهر بعد شهر نواصله
فلا نحن نخشى أن يخيب مسيرنا إليك ولكن أهنأ الخير عاجله
قَالَ: فتبسم، وَقَالَ: عجلوها له، فحملت إلي من وقتها أَخْبَرَنَا أبو الفرج أحمد بن عمر بن عثمان الغضاري، قَالَ: أَخْبَرَنَا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن هارون بن موسى الفروي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن أبيه، قَالَ: دخل أبي وأصحابه على المهدي بالمدينة، فدخل عليه المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي وأبو السائب والعثماني وابن أخت الأحوص، فقال لهم: أنشدوني، فأنشده عبد العزيز الماجشون:
وللناس بدر في السماء يرونه وأنت لنا بدر على الأرض مقمر
فبالله يا بدر السماء وضوءه تراك تكافي عشر مالك أضمر
وما البدر إلا دون وجهك في الدجي يغيب فتبدو حين غاب فتقمر
وما نظرت عيني إلى البدر طالعا وأنت تمشى في الثياب فتسحر
وأنشده ابن أخت الأحوص:
قالت كلابة من هذا؟ فقلت لها هذا الذي أنت من أعدائه زعموا
إني امرؤ لج بي حب فأحرضني حتى بليت وحتى شفني السقم
وأنشده المغيرة بن عبد الرحمن:
رمى البين من قلبي السواد فأوجعا وصاح فصيح بالرحيل فاسمعا
وغرد حادي البين وانشقت العصا وأصبحت مسلوب الفؤاد مفجعا
كفا حزنا من حادث الدهر أنني أرى البين لا أستطيع للبين مدفعا
وقد كنت قبل البين بالبين جاهلا فيالك بين ما أمَرَّ وأفظعا
وأنشده أبو السائب:
أصيخا لداعي حب ليلى فيمما صدور المطايا نحوهما فتسمعها
خليلي إن ليلى أقامت فإنني مقيم وإن بانت فبينا بنا معا
وإن أثبتت ليلى بربع غدوها فعيذا لنا بالله أن نتزعزعا
قَالَ: والله لأغنينكم، فأجاز أربعة بعشرة آلاف دينار عشرة آلاف دينار
(668) -[3: 389] أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخَلالُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي فَائِقَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ أَمْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَتْ: إِنَّا يَوْمًا عِنْدَ الْمَهْدِيِّ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مُتَنَزِّهًا إِلَى الأَنْبَارِ، إِذْ دَخَل عَلَيْهِ الرَّبِيعُ وَمَعَهُ قِطَعةٌ مِنْ جِرَابٍ فِيهِ كِتَابَةٌ بِرَمَادٍ وَخَاتَمٌ مِنْ طِينٍ قَدْ عُجِنَ بِالرَّمَادِ، وَهُوَ مَطْبُوعٌ بِخَاتَمِ الْخِلافَةِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِنْ هَذِهِ الرُّقْعَةِ، جَاءَنِي بِهَا رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ يُنَادِي: هَذَا كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ دُلُّونِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يُسَمَّى الرَّبِيعَ، فَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْهِ، وَهَذِهِ الرُّقْعَةُ فَأَخَذَهَ الْمَهْدِيُّ وَضَحِكَ، وَقَالَ: صَدَقَ، هَذَا خَطِّي وَهَذَا خَاتَمِي أَفَلا أُخْبِرُكُمْ بِالْقِصَّةِ كَيْفَ كَانَتْ؟ قُلْنَا: أَمْيِرُ الْمُؤْمِنينَ أَعَلِ أَعْيُنَنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ: خَرَجْتُ أَمْسَ إِلَى الصَّيْدِ فِي عَبِّ سَمَاءٍ، فَلَمَّا أَصَحَّتْ هَاجَ عَلَيْنَا ضَبَابٌ شَدِيدٌ وَفَقَدْتُ أَصْحَابِي حَتَّى مَا رَأَيْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا وَأَصَابَنِي مِنَ الْبَرْدِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ، وَتَحَيَّرْتُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ دُعَاءً سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي يَحْكِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ، قَالَ: " مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، اعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، حَسْبِيَ اللَّهُ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وُقِيَ وَكُفِيَ وَشُفِيَ مِنَ الْحَرْقِ وَالْغَرَقِ وَالْهَدْمِ وَمِيتَةِ السَّوْءِ ".
فَلَمَّا قُلْتُهَا رُفِعَ لِي ضَوْءُ نَارٍ، فَقَصَدْتُهَا، فَإِذَا بِهَا الأَعْرَابِيُّ فِي خَيْمَةٍ لَهُ، وَإِذَا هُوَ يُوقِدُ نَارًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَعْرَابِيُّ، هَلْ مِنْ ضِيَافَةٍ؟ قَالَ: انْزِلْ.
فَنَزَلْتُ، فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: هَاتِي ذَاكَ الشَّعِيرَ، فَأَتَتْ بِهِ، فَقَالَ: اطْحَنِيهِ، فَابْتَدَأَتْ تَطْحَنُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: اسْقِنِي مَاءً، فَأَتَانِي بِسِقَاءٍ فِيهِ مُذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ أَكْثَرُهَا مَاءٌ، فَشَرِبْتُ مِنْهَا شَرْبَةً مَا شَرِبْتُ شَيْئًا قَطُّ إِلا هِيَ أَطْيَبُ مِنْهُ، قَالَ: وَأَعْطَانِي حِلْسًا، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَيْهِ فَنِمْتُ نَوْمَةً مَا نِمْتُ نَوْمَةً أَطْيَبُ مِنْهَا وَأَلَذُّ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ وَثَبَ إِلَى شُوَيْهَةٍ فَذَبَحَهَا، وَإِذَا امْرَأَتُهُ تَقُولُ لَهُ: وَيْحَكَ، قَتَلْتَ نَفْسَكَ وَصِبْيَتَكَ، إِنَّمَا كَانَ مَعَاشُكُمْ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ فَذَبَحْتَهَا فَبِأَيِّ شَيْءٍ نَعِيشُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لا عَلَيْكِ هَاتِ الشَّاةَ، فَشَقَقْتُ جَوْفَهَا وَاسْتَخْرَجْتُ كَبِدَهَا بِسِكِّينٍ كَانَتْ فِي خُفِّي، فَشَرَّحْتُهَا ثُمَّ طَرَحْتُهَا عَلَى النَّارِ فَأَكْلَتُهَا، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ أَكْتُبُ لَكَ فِيهِ؟ فَجَاءَنِي بِهَذِهِ الْقِطْعَةِ الْجِرَابِ، فَأَخَذْتُ عُودًا مِنَ الزِّنَادِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَكَتَبْتُ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ، وَخَتَمْتُهُ بِهَذَا الْخَاتَمِ، وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَجِيءَ وَيَسْأَلَ عَلَى الرَّبِيعِ فَيَدْفَعَهَا إِلَيْهِ، فَإِذَا فِي الرُّقْعَةِ خَمْسُ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلا خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَكِنْ جَرَتْ بِخَمْسِ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لا أَنْقُصُ، وَاللَّهِ، مِنْهَا دِرْهَمًا وَاحِدًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُهَا، احْمِلُوهَا مَعَهُ، فَمَا كَانَ إِلا قَلِيلا حَتَّى كَثُرَتْ إِبِلُهُ وَشَاؤُهُ، وَصَارَ مَنْزِلا مِنَ الْمَنَازِلِ يَنْزِلُهُ النَّاسُ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ مِنَ الأَنْبَارِ إِلَى مَكَّةَ، وَسُمِّيَ مَنْزِلَ مُضَيِّفِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قَالَ: وخرج المهدي يوما إلى الصيد فانقطع عن خاصته، فدفع إلى أعرابي وهو يريد البول، فقال: يا أعرابي احفظ علي فرسي حتى أبول، فسعى نحوه وأخذ بركابه، فنزل المهدي ودفع الفرس إليه، فأقبل الأعرابي على السرج يقلع حليته، وفطن المهدي وقد أخذ حاجته، فقدم إليه فرسه وجاءت الخيل نحوه وأحاطت به، ونذر بها الأعرابي فولى هاربا، فأمر برده، فقال: وخاف أن يكون قد غمز به، خذوا ما أخذنا منكم ودعونا نذهب إلى حرق الله وناره! فقال المهدي، وصاح به: تعال لا بأس عليك، فقال: ما تشاء، جعلني الله فداء فرسك، فضحك من حضره، وقالوا: ويلك هل رأيت إنسانا قط قَالَ هذا؟ قَالَ: فما أقول؟ قالوا: قل جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين، قَالَ: أوهذا أمير المؤمنين؟! قالوا: نعم، قَالَ: والله لئن أرضاه هذا مني ما يرضيني ذاك فيه، ولكن جعل الله جبريل وميكائيل فداءه وجعلني فداءهما، فضحك المهدي واستطابه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، فأخذها وانصرف، قَالَ ابن عرفة: وبلغني أن المهدي لما فرغ من بناء عيسى باذ ركب في جماعة يسير لينظر، فدخله مفاجأة وأخرج من كان هناك من الناس، وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان، فرأى المهدي أحدهما، وهو دهش ما يعقل، فقال: من أنت؟ قَالَ: أنا، أنا، أنا، قَالَ: ويلك من أنت؟ قَالَ: لا أدري.
قَالَ: ألك حاجة؟ قَالَ: لا، لا، قَالَ: أخرجوه أخرج الله نفسه، فدفع في قفاه، فلما خرج، قَالَ لغلام له: اتبعه من حيث لا يعلم، فاسأل عن أمره ومهنته فإني أخاله حائكا، فخرج الغلام يقفوه، ثم رأى الآخر فاستنطقه، فأجابه بقلب جريء ولسان منبسط، فقال: من أنت؟ فقال: رجل من أبناء رجال دعوتك، قَالَ: فما جاء بك إلى ههنا؟ قَالَ: جئت لأنظر إلى هذا البناء الحسن فأتمتع بالنظر، وأكثر الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة، وتمام النعمة، ونماء العز والسلامة، قَالَ: أفلك حاجة؟ قَالَ: نعم، خطبت ابنة عمي فردني أبوها، وَقَالَ: لا مال لك، والناس يرغبون في الأموال، وأنا بها مشغوف، ولها وامق، قَالَ: قد أمرت لك بخمسين ألف درهم، قَالَ: جعلني الله فداءك يا أمير المؤمنين قد وصلت فأجزلت الصلة، ومننت فأعظمت المنة، فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه، وآخر أيامك خيرا من أولها، وأمتعك بما أنعم به، وأمتع رعيتك بك.
فأمر أن تعجل له صلته، ووجه ببعض خاصته معه، وَقَالَ: سل عن مهنته فإني أخاله كاتبا، فرجع الرسولان معا، فقال الأول: وجدت الأول حائكا، وَقَالَ الآخر: وجدت الرجل كاتبا، فقال المهدي: لم تخف علي مخاطبة الكاتب والحائك أَخْبَرَنَا محمد بن علي بن مخلد الوراق، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن عمران، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى الصولي، قَالَ: قَالَ عمرو بن أبي عمرو الأعجمي: اعترضت امرأةٌ المهديَّ، فقالت: يا عَصَبة رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انظر في حاجتي، فقال المهدي: ما سمعتها من أحد قبلها، ثم قَالَ: اقضوا حاجتها، وأعطوها عشرة آلاف درهم أَخْبَرَنَا علي بن أحمد الرزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن قانع بن مرزوق القاضي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو شعيب الحراني، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو زيد، قَالَ: سمعت الضحاك، قَالَ: قدم المهدي علينا البصرة فخرج يصلي العصر، فقام إليه أعرابي، فقال: يا أمير المؤمنين مر المؤذن لا يقيم حتى أتوضأ! فضحك المهدي، وَقَالَ للمؤذن: لا تقم حتى يتوضأ الأعرابي أَخْبَرَنَا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، قَالَ: أَخْبَرَنَا سهل بن أحمد الديباجي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو خليفة، قَالَ: حَدَّثَنَا رفيع بن سلمة، عن أبي عبيدة، قَالَ: كان المهدي يصلي بنا الصلوات في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها، فأقيمت الصلاة يوما، فقال أعرابي: يا أمير المؤمنين، لست على طهر، وقد رغبت إلى الله في الصلاة خلفك فمر هؤلاء أن ينتظروني.
فقال: انتظروه رحمكم الله، ودخل إلى المحراب ووقف، إلى أن قيل له: قد جاء الرجل فكبر، فعجب الناس من سماحة أخلاقه أَخْبَرَنَا القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن البختري الرزاز،.
وأخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، قَالَ: أَخْبَرَنَا عثمان بن أحمد الدقاق، قالا: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن البراء، قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد الله بن فرقد مولى المهدي، قَالَ: هاجت ريح زمن المهدي، فدخل المهدي بيتا في جوف بيت، فألزق خده بالتراب، ثم قَالَ: اللهم إني بريء من هذه الجناية كِلْ هذا الخلق غيري، فإن كنت المطلوب من بين خلقك فهأنذا بين يديك، اللهم لا تشمت بي أهل الأديان، فلم يزل كذلك حتى انجلت الريح.
واللفظ لحديث الرزاز أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن أبي قيس، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قَالَ: حَدَّثَنَا عباس، يعني: ابن هشام، عن أبيه، قَالَ: توفي المهدي بقرية، يقال لها: الرذ، ليلة الخميس لثمان بقين من المحرم سنة تسع وستين أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، قَالَ: حَدَّثَنَا عثمان بن أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسن ابن البراء، قَالَ: ومات المهدي بالرذ من ماسبذان لثمان بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة، وكان نقش خاتمه: العزة لله، وكان عمره ثلاثا وأربعين سنة، وخلافته عشر سنين وشهر وخمسة أيام أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، قَالَ: قَالَ أبو بكر السدوسي: توفي المهدي بماسبذان، وصلى عليه الرشيد، وتوفي وله ثلاث وأربعون سنة أَخْبَرَنَا علي بن أحمد المقرئ، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن أبي قيس، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر بن أبي الدنيا، قَالَ: حَدَّثَنِي العجلي، عن عمرو بن محمد، عن أبي معشر، قَالَ: توفي المهدي وهو ابن ثلاث وأربعين سنة وَقَالَ ابن أبي الدنيا: حَدَّثَنَا محمد بن صالح، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن محمد الظفري، قَالَ: توفي المهدي وهو ابن خمس وأربعين سنة.

نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 3  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست