responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 2  صفحه : 340
حدثنا محمد بن سعيد، قَالَ: حدثنا محمد بن يوسف، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم، قَالَ: سمعت محمود بن النضر أبا سهل الشافعي، يقول: دخلت البصرة، والشام، والحجاز، والكوفة، ورأيت علماءها فكلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.

ذكر عقد البخاري مجلس التحديث ببغداد وامتحان البغداديين له
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا أبو نصر أحمد بن أبي حامد الباهلي، قَالَ: سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف، قَالَ: سمعت أبا علي صالح بن محمد البغدادي، يقول: كان محمد بن إسماعيل يجلس ببغداد وكنت أستملى له، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفا.
وَقَالَ محمد بن أبي بكر: سمعت أبا صالح خلف بن محمد يقول: سمعت محمد بن يوسف بن عاصم، يقول: رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاثة مستملين ببغداد، وكان اجتمع في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل.
حَدَّثَنِي محمد بن أبي الحسن الساحلي، قَالَ: أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي، قَالَ: سمعت أبا أحمد بن عدي، يقول: سمعت عدة مشايخ يحكون، أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقبلوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا -[341]- أعرفه.
فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه فما زال يلقى عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: لا أعرفه فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضى على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقى عليه واحدا بعد آخر حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب له الثالث، والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه.
فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها.
فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.
وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل، يقول: الكبش النطاح.

ذكر البغداديين فضله.
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن يوسف الأزدي، قَالَ: حدثنا أبو عمرو محمد بن عمر بن الأشعث البيكندي، قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل، يقول: سمعت أبي، يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي.
-[342]-
وَأَخْبَرَنِي الحسن بن محمد، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى البزاز، قَالَ: سمعت أبا بكر عبد الرحمن بن محمد بن علوية الأبهري، يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: حدثنا أبو نصر محمد بن سعيد، قَالَ: سمعت محمد بن يوسف بن مطر، يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن أبي حاتم، يقول: حَدَّثَنِي حاشد بن عبد الله بن عبد الواحد، قَالَ: سمعت يعقوب بن إبراهيم الدورقي، يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد، قَالَ: أخبرنا محمد، قَالَ: حدثنا أحمد بن أبي حامد الباهلي، قَالَ: سمعت أبا سعيد حاتم بن محمد بن حازم، يقول: سمعت موسى بن هارون الحمال ببغداد، يقول: عندي لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا مثل محمد بن إسماعيل آخر ما قدروا عليه.
أَخْبَرَنِي محمد بن علي المقرى، قَالَ: أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران الحافظ، قَالَ: أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي، قَالَ: سألت أبا علي صالح بن محمد عن محمد بن إسماعيل، وأبي زرعة، وعبد الله بن عبد الرحمن، فقال: عن أي شيء تسأل؟ فهم مختلفون في أشياء.
فقلت: من أعلمهم بالحديث؟ فقال: محمد بن إسماعيل، وأبو زرعة أحفظهم وأكثرهم حديثا.
فقلت: عبد الله بن عبد الرحمن؟ فقال: ليس من هؤلاء في شيء.
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني، قَالَ: قَالَ محمد بن العباس العصمي: حَدَّثَنَا يعقوب بن إسحاق بن محمود، قَالَ: قَالَ أبو علي صالح بن محمد الأسدي، -[343]- وذكر البخاري، فقال: ما رأيت خراسانيا افهم منه.
أَخْبَرَنِي أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المنكدري، قَالَ: حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم الضبي الحافظ، قَالَ: سمعت يحيى بن عمرو بن صالح الفقيه، يقول: سمعت أبا العباس محمد بن عبد الرحمن الفقيه، يقول: كتب أهل بغداد إلى محمد بن إسماعيل:
المسلمون بخير ما بقيت لهم وليس بعدك خير حين تفتقد
أَخْبَرَنَا أبو حازم العبدويي، قَالَ: سمعت محمد بن محمد بن العباس الضبي، يقول: سمعت أحمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن مطر، يقول: سمعت جدي محمد بن يوسف، يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري، يقول: دخلت بغداد آخر ثمان مرات كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل، فقال لي في آخر ما ودعته: يا أبا عبد الله تترك العلم والناس وتصير إلى خراسان؟ قَالَ أبو عبد الله: فأنا الآن أذكر قوله.
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن غالب، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبد الله بن محمد الفرهياني، قَالَ: حضرت مجلس ابن إشكاب فجاءه رجل ذكر اسمه من الحفاظ، فقال: ما لنا بمحمد بن إسماعيل البخاري طاقة، فقام وترك المجلس.
أي: أتقول هذا وانا بالحضرة؟

قول أهل الرأي فيه
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: أخبرنا خلف بن محمد، قَالَ: سمعت أبا بكر محمد بن حريث، يقول: سمعت أبا زرعة الرازي يقول، وسألته عن ابن لهيعة فقال: تركه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل.
وسألته عن ابن حميد الرازي، فقال: تركه أبو عبد الله، قَالَ محمد بن حريث، فذكرت ذلك لمحمد بن إسماعيل، فقال: بره لنا قديم.
وَقَالَ خلف: سمعت أبا بكر محمد بن حريث، يقول: سمعت الفضل بن -[344]- العباس الرازي، وسألته فقلت: أيهما أحفظ، أبو زرعة أو محمد بن إسماعيل؟ فقال لم أكن التقيت مع محمد بن إسماعيل، فاستقبلني ما بين حلوان وبغداد، قَالَ: فرجعت معه مرحلة، قَالَ: وجهدت الجهد على أن أجيء بحديث لا يعرفه فما أمكنني.
قَالَ: وانا أغرب على أبي زرعة عدد شعره.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب الجويباري، قَالَ: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر المنكدري، قَالَ: حدثنا إسحاق بن أحمد بن زبرك، قَالَ: سمعت محمد بن إدريس الرازي، يقول: في سنة سبع وأربعين ومائتين يقدم عليكم رجل من أهل خراسان لن يخرج منها أحفظ منه ولا قدم العراق أعلم منه.
فقدم علينا بعد ذلك محمد بن إسماعيل بأشهر.
قَالَ: وَقَالَ أبو حاتم الرازي في هذا المجلس: محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق، ومحمد بن يحيى أعلم من بخراسان اليوم من أهل الحديث، ومحمد بن أسلم أورعهم، وعبد الله بن عبد الرحمن أثبتهم.

ما حفظ عن أهل خراسان وما وراء النهر من القول فيه.
أَخْبَرَني أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: حدثنا محمد بن سعيد التاجر، قَالَ: حدثنا محمد بن يوسف بن مطر، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم، قَالَ: سمعت عمر بن حفص الأشقر، يقول: سمعت عبدان، يقول: ما رأيت بعيني شابا أبصر من هذا، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل، قَالَ: وسمعت صالح بن مسمار، يقول: سمعت نعيم بن حماد، يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.
-[345]-
وَقَالَ محمد بن أبي حاتم: سمعت محمد بن إسماعيل، يقول: قَالَ لي محمد بن سلام: انظر في كتبي فما وجدت فيها من خطأ فأضرب عليه، كي لا أرويه، ففعلت ذلك.
وكان محمد بن سلام كتب عند الأحاديث التي احكمها محمد بن إسماعيل، رضي الفتى، وفي الأحاديث الضعيفة، لم يرض الفتى.
فقال له بعض أصحابه: من هذا الفتى؟ فقال: هو الذي ليس مثله، محمد بن إسماعيل.
وَقَالَ محمد بن أبي حاتم: سمعت يحيى بن جعفر يقول: لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموت محمد بن إسماعيل ذهاب العلم.
حَدَّثَنِي أبو النجيب الأرموي، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إبراهيم الأصبهاني، قَالَ: أَخْبَرَنِي أحمد بن علي الفارسي، قَالَ: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قَالَ: حدثنا جدي محمد بن يوسف، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق، قَالَ: سمعت سليم بن مجاهد، يقول: كنت عند محمد بن سلام البيكندي، فقال: لي لو جئت قبل لرايت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث.
قَالَ: فخرجت في طلبه حتى لقيته، فقلت: أنت الذي تقول: أنا أحفظ سبعين ألف حديث؟ قَالَ: نعم، وأكثر منه، ولا أجيئك بحديث من الصحابة أو التابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي في ذلك أصل، أحفظ حفظا عن كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر البخاري، قَالَ: حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، قَالَ: حدثنا أبو بكر محمد بن يعقوب بن يوسف البيكندي، قَالَ: سمعت علي بن الحسين بن عاصم البيكندي، يقول: قدم علينا محمد بن إسماعيل فاجتمعنا عنده، ولم يكن يتخلف عنه من المشايخ أحد، فتذاكرنا عنده، فقال رجل من أصحابنا، أراه حامد بن حفص، سمعت إسحاق بن راهويه، يقول: كأني أنظر -[346]- إلى سبعين ألف حديث من كتابي.
قَالَ: فقال محمد بن إسماعيل: أو تعجب من هذا؟ لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه، وإنما عني به نفسه.
أَخْبَرَنَا أبو سعد الماليني قراءة، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن أحمد القومسي، قَالَ: سمعت محمد بن حمدويه، يقول: سمعت محمد بن إسماعيل، يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.
حَدَّثَنِي أبو النجيب الأرموي، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إبراهيم الأصبهاني، قَالَ: أَخْبَرَنِي محمد بن إدريس الوراق، قَالَ: حدثنا محمد بن حام، قَالَ: حدثنا محمد بن يوسف، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم، قَالَ: سئل محمد بن إسماعيل، عن خبر حديث، فقال: با أبا فلان أتراني أدلس؟ تركت أنا عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر، وتركت مثله أو أكثر منه لغيره لي فيه نظر.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: حدثنا محمد بن سعيد، قَالَ: حدثنا محمد بن يوسف، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم، قَالَ: سمعت أبا عمرو المستنير بن عتيق البكري، قَالَ: سمعت رجاء بن المرجى، يقول: فضل محمد بن إسماعيل على العلماء كفضل الرجال على النساء، فقال: له رجل يا أبا محمد كل ذلك بمرة، فقال: هو آية من آيات الله يمشي على ظهر الأرض.
أَخْبَرَنِي الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هارون الملاحمي، قَالَ: حدثنا أبو ذر محمد بن محمد بن يوسف القاضي، قَالَ: سمعت عمر بن حفص الأشقر، يقول: لما قدم رجاء بن مرجى المروزي الحافظ بخارى يريد الخروج إلى الشاش نزل الرباط وصار إليه مشايخنا وصرت فيمن صار إليه، فسألني عن أبي عبد الله محمد بن -[347]- إسماعيل، فأخبرته بسلامته، وقلت له: لعله يجيئك الساعة، فأملى علينا وانقضى المجلس ولم يَجِئْ أبو عبد الله.
فلما كان اليوم الثاني لم يجئه، فلما كان اليوم الثالث قَالَ رجاء: إن أبا عبد الله لم يرنا أهلا للزيارة فمروا بنا إليه نقضي حقه، فإني على الخروج، وكان كالمترغم عليه، فجئنا بجماعتنا إليه، ودخلنا على أبي عبد الله، وسأل به، فقال له رجاء: يا أبا عبد الله كنت بالأشواق إليك وأشتهي أن تذكر شيئا من الحديث، فإني على الخروج.
قَالَ: ما شئت.
فألقى عليه رجاء شيئا من حديث أيوب، وأبو عبد الله يجيب إلى أن سكت رجاء عن الإلقاء، فقال لأبي عبد الله: ترى بقي شيء لم نذكره؟ فأخذ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يلقي، ويقول رجاء: من روى هذا؟ وأبو عبد الله يجيء بإسناده إلى أن ألقى قريبا من بضعة عشر حديثا أو أكثر أعدها.
وتغير رجاء تغيرا شديدا، وحانت من أبي عبد الله نظرة إلى وجهه فعرف التغير فيه، فقطع الحديث.
فلما خرج رجاء قَالَ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل: أردت أن أبلغ به ضعف ما ألقيته إلا أني خشيت أن يدخله شيء فأمسكت.
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا خلف بن محمد، قَالَ: حدثنا أبو عمرو نصر بن زكريا المروزي، قَالَ: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد، يقول: شباب خراسان أربعة محمد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبد الرحمن، وزكريا بن يحيى اللؤلؤي، والحسن بن شجاع البلخي،
وَقَالَ خلف: حَدَّثَنَا إسحاق بن أحمد بن خلف، قَالَ: سمعت أبا عيسى محمد بن عيسى الترمذي، يقول: كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن منير، فلما قام من عنده، قَالَ: يا أبا عبد الله جعلك الله زين هذه الأمة، قَالَ -[348]- أبو عيسى: فاستجيب له فيه.
أَخْبَرَنَا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل، قَالَ: أخبرنا الحسن بن محمد بن أحمد بن شعبة السنجي المروزي، قَالَ: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب، قَالَ: حدثنا أبو عيسى الترمذي، قَالَ: ولم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، قَالَ: أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله الضبي في كتابه.
وَأَخْبَرَنِي أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المرورذي، قَالَ: حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم الضبي الحافظ، قَالَ: سمعت أبا الطيب محمد بن أحمد المذكر، يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق، يقول: ما رأيت تحت أديم هذه السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: حدثنا محمد بن سعيد، قَالَ: حدثنا محمد بن يوسف، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم، قَالَ: سمعت حاشد بن عبد الله بن عبد الواحد، يقول: رأيت عمرو بن زرارة، ومحمد بن رافع عند محمد بن إسماعيل وهما يسألان عن علل الحديث، فلما قاما قالا لمن حضر المجلس: لا تخدعوا عن أبي عبد الله فإنه افقه منا واعلم وأبصر.
وَقَالَ محمد بن أبي حاتم: سمعت حاشد بن إسماعيل، يقول: رأيت إسحاق بن راهويه جالسا على السرير، ومحمد بن إسماعيل معه، فأنكر عليه محمد بن إسماعيل شيئا، فرجع إلى قول محمد، وَقَالَ إسحاق بن راهويه: يا معشر أصحاب الحديث انظروا إلى هذا الشاب واكتبوا عنه، فإنه لو كان في زمن الحسن بن أبي الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه.
-[349]-
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: أخبرنا خلف بن محمد، قَالَ: سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر الخفاف، يقول: محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث، من إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وغيره بعشرين درجة.
قَالَ أبو عمرو الخفاف: ومن قَالَ في محمد بن إسماعيل شيئا فمني عليه ألف لعنة.
قَالَ: وسمعت أبا عمرو الخفاف، يقول: لو دخل محمد بن إسماعيل البخاري من هذا الباب لملئت منه رعبا يعني لا أقدر أن أحدث بين يديه.
وَقَالَ خلف: سمعت أبا عمرو الخفاف، يقول: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل البخاري التقى النقي العالم الذي لم أر مثله.
أَخْبَرَنِي الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن يوسف الشافعي، وخلف بن محمد، قالا: سمعنا أبا جعفر محمد بن يوسف بن الصديق الوراق، يقول: سمعت عبد الله بن حماد الآملي، يقول: وددت أني شعرة في صدر محمد بن إسماعيل.
قرأت على الحسين بن محمد أخي الخلال عن أبي سعد الإدريسي، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن حام بن ناقب البخاري بسمرقند، قَالَ: حدثنا محمد بن يوسف الفربري، قَالَ: حدثنا محمد بن أبي حاتم، قَالَ: سمعت علي بن حجر، يقول: أخرجت خراسان ثلاثة: أبا زرعة الرازي بالري، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل عندي أبصرهم، وأعلمهم، وأفقههم.
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، قَالَ: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أبو بكر محمد بن خالد المطوعي ببخارى، قَالَ: أخبرنا مسبح بن سعيد البخاري، قَالَ: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، -[350]- يقول: قد رأيت العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراقين، فما رأيت فيهم أجمع من أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب، قَالَ: حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف، قَالَ: سمعت العباس بن سورة، يقول: سمعت أبا جعفر عبد الله بن محمد الجعفي المسندي، يقول: محمد بن إسماعيل إمام فمن لم يجعله إماما فاتهمه.
(323) أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ الْعَبْدَوِييُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الزِّنْجَوِييَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْدُونَ الْحَافِظَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ فَجَاءَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَسَأَلَهُ، عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ الْقِصَّةَ، بِطُولِهِ.
فَقَرَأَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ حَدِيثَ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " كَفَّارَةُ الْمَجْلِسِ إِذَا قَامَ الْعَبْدُ، أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ".
فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: فِي الدُّنْيَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ؟ ابْنُ -[351]- جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ.
يُعْرَفُ بِهَذَا الإِسْنَادِ فِي الدُّنْيَا، حَدِيثًا؟ قَالَ مُحَمَّدٌ: لا.
إِلا أَنَّهُ مَعْلُولٌ.
فَقَالَ مُسْلِمٌ لا إِلَهَ إِلا اللَّهَ وَارْتَعَدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي بِهِ.
قَالَ: اسْتُرْ مَا سَتَرَ اللَّهُ، فَإِنَّ هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ رَوَاهُ الْخَلْقُ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَكَادَ أَنْ يَبْكِيَ مُسْلِمٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اكْتُبْ إِنْ كَانَ لا بُدَّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حدثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَفَّارَةُ الْمَجْلِسِ ".
فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ لا يُبْغِضُكَ إِلا حَاسِدٌ، وَأشْهَدُ أَنَّ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُكَ
أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قَالَ: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، قَالَ: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، يقول: سمعت أبي، يقول: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي محمد بن إسماعيل البخاري وهو يسأله سؤال الصبي المتعلم.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، قَالَ: حدثنا أبو الحسن عبد الله بن موسى بن الحسين البغدادي، قَالَ: حدثنا عبد المؤمن بن خلف التميمي، قَالَ: سمعت الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل، يقول: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل، -[352]- ومسلم الحافظ لم يكن يبلغ محمد بن إسماعيل.
ورأيت أبا زرعة وأبا حاتم يستمعون إلى محمد بن إسماعيل أي شيء يقول يجلسون بجنبه، فذكرت له قصة محمد بن يحيى، فقال: ماله ولمحمد بن إسماعيل، كان محمد بن إسماعيل أمة من الأمم، وكان أعلم من محمد بن يحيى بكذا وكذا، وكان محمد بن إسماعيل دينا فاضلا يحسن كل شيء.
حَدَّثَنِي أبو النجيب الأرموي، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إبراهيم الأصبهاني، قَالَ: حَدَّثَنِي أحمد بن علي السليماني، قَالَ: حَدَّثَنِي أحمد بن محمد القاري، قَالَ: سمعت أبا حسان مهيب بن سليم، يقول: سمعت محمد بن إسماعيل، يقول: الحامد والذام عندي سواء.

ذكر قصة البخاري مع محمد بن يحيى الذهلي بنيسابور.
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، قَالَ: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، قَالَ: سمعت محمد بن حامد البزاز، يقول: سمعت الحسن بن محمد بن جابر، يقول: سمعت محمد بن يحيى، يقول: لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، قَالَ: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم فاسمعوا منه، قَالَ: فذهب الناس إليه واقبلوا على السماع منه، حتى ظهر الخلل في مجالس محمد بن يحيى فحسده بعد ذلك وتكلم فيه.
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن غالب، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن خشنام، وسمعته يقول: سئل محمد بن إسماعيل، بنيسابور عن اللفظ، فقال: حَدَّثَنِي عبيد الله بن سعيد، يعني أبا قدامة، عن يحيى بن سعيد، قَالَ: أعمال العباد كلها مخلوقة.
فمرقوا عليه، قَالَ: فقالوا له بعد ذلك، ترجع عن هذا القول حتى -[353]- يعودوا إليك؟ قَالَ: لا أفعل إلا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون أقوى من حجتي.
وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته.
(324) -[2: 353] أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ، قَالَ: حدثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْمُطَّوِّعِيُّ بِبُخَارَى، قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرَبْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، يَقُولُ: أَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَمَخْلُوقَةٌ، فَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدثنا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ " قَالَ أبو عبد الله: وسمعت عبيد الله بن سعيد، يقول: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: ما زلت أسمع أصحابنا، يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة.
قَالَ أبو عبد الله البخاري: حركاتهم وأصواتهم، واكسابهم، وكتابتهم، مخلوقة.
فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب، فهو كلام الله ليس بخلق، قَالَ الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}.
أَخْبَرَنَا أبو حازم العبدويي، قَالَ: سمعت الحسن بن أحمد بن شيبان، يقول: سمعت أبا حامد الأعمشي، يقول: رأيت محمد بن إسماعيل البخاري، في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى يسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث ويمر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم كأنه يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فما أتى على هذا شهر، حتى قَالَ محمد بن يحيى: إلا -[354]- من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته، فلا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا.
فأقام محمد بن إسماعيل هاهنا مدة وخرج إلى بخارى.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن حسنويه بن إبراهيم الأبيوري، قَالَ: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون، قَالَ: سمعت أبا حامد بن الشرقي، يقول: سمعت محمد بن يحيى، يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته، وحيث يتصرف، فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ وعما سواه من الكلام في القرآن، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وخرج عن الإيمان، وبانت منه امرأته، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وجعل ماله فيئا بين المسلمين، ولم يدفن في مقابر المسلمين.
ومن وقف فقال: لا أقول مخلوق أو غير مخلوق فقد ضاهى الكفر، ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه.
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الأشقر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي بكر، قَالَ: حدثنا أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل، قَالَ: سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالخفاف ببخارى، يقول: كنا يوما عند أبي إسحاق القيسي ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله.
فقلت له: يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه؟ فقال: ليس إلا ما أقول وأحكي لك عنه.
قَالَ أبو عمرو الخفاف: فأتيت محمد بن إسماعيل فناظرته في شيء من الأحاديث حتى طابت نفسه فقلت: يا أبا عبد الله هاهنا أحد يحكى عنك أنك قلت هذه المقالة.
فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل -[355]- نيسابور، وقومس، والري، وهمذان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة، أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقل هذه المقالة إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قَالَ: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه، قَالَ: حدثنا أبو العباس الفضل بن بسام، قَالَ: سمعت إبراهيم بن محمد، يقول: أنا توليت دفن محمد بن إسماعيل لما أن مات بخرتنك أردت حمله إلى مدينة سمرقند أن أدفنه بها، فلم يتركني صاحب لنا، فدفناه بها.
فلما أن فرغنا ورجعت إلى المنزل الذي كنت فيه، قَالَ لي صاحب القصر: سألته أمس، قلت: يا أبا عبد الله ما تقول في القرآن؟ فقال: القرآن كلام الله غير مخلوق.
قَالَ: فقلت له: إن الناس يزعمون أنك تقول: ليس في المصاحف قرآن ولا في صدور الناس.
فقال: استغفر الله أن تشهد على بشيء لم تسمعه مني أقول كما قَالَ الله تعالى {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} أقول في المصاحف قرآن وفي صدور الناس قرآن، فمن قَالَ غير هذا يستتاب، فإن تاب وإلا فسبيله سبيل الكفر.

ذكر خبر البخاري مع خالد بن أحمد الأمير بعد عوده إلى بخارى.
& أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَشْقَرُ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بَكْرَ بْنَ مُنِيرِ بْنِ خُلَيْدِ بْنِ عَسْكَرٍ، يَقُولُ: بَعَثَ الأَمِيرُ خَالِدَ بْنَ أَحْمَدَ الذُّهْلِيُّ وَالِي بُخَارَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَنِ احْمِلْ إِلَيَّ كِتَابَ الْجَامِعِ وَالتَّارِيخِ وَغَيْرِهِمَا لأَسْمَعَ مِنْكَ.
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ لِرَسُولِهِ: أَنَا لا أُذِلُّ الْعِلْمَ وَلا أَحْمِلُهُ إِلَى أَبْوَابِ النَّاسِ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ -[356]- حَاجَةٌ فَاحْضُرْنِي فِي مَسْجِدِي أَوْ فِي دَارِي، وَإِنْ لَمْ يُعْجِبْكَ هَذَا فَأَنْتَ سُلْطَانٌ فَامْنَعْنِي مِنَ الْمَجْلِسِ لِيَكُونَ لِي عُذْرٌ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لأَنِّي لا أَكْتُمُ الْعِلْمَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ " قَالَ فكان سبب الوحشة بينهما هذا.
أَخْبَرَنِي محمد بن علي بن أحمد المقرئ، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قَالَ: سمعت محمد بن العباس الضبي، يقول: سمعت أبا بكر بن أبي عمرو الحافظ، يقول: كان سبب مفارقة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري البلد، يعني: بخارى، أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير، خليفة الطاهرية ببخارى، سأل أن يحضر منزله فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده فامتنع أبو عبد الله عن الحضور عنده، فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع عن ذلك أيضا، وَقَالَ: لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم، فاستعان خالد بن أحمد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم ببخارى عليه، حتى تكلموا في مذهبه ونفاه عن البلد، فدعا عليهم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، فقال: اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم.
فأما خالد فلم يأت عليه إلا أقل من شهر حتى ورد أمر الطاهرية بأن ينادى عليه، فنودي عليه، وهو على أتان، وأشخص على أكاف ثم صار عاقبة أمره إلى ما قد اشتهر وشاع.
وأما حريث بن أبي الورقاء فإنه ابتلى بأهله فرأى فيها ما يجل عن الوصف.
وأما فلان أحد القوم وسماه فإنه ابتلي بأولاده -[357]- وأراه الله فيهم البلايا.
حَدَّثَنِي محمد بن أبي الحسن الساحلي، قَالَ: أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي، قَالَ: سمعت أبا أحمد بن عدي الحافظ الجرجاني، يقول: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي، يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند، على فرسخين منها وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، قَالَ: فسمعته ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول في دعائه: اللهم إنه قد ضاقت على الأرض بما رحبت فاقبضني إليك.
قَالَ: فما تم الشهر حتى قبضه الله تعالى وقبره بخرتنك.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي حامد الأصبهاني في كتابه، قَالَ: حدثنا محمد بن محمد بن مكي الجرجاني، قَالَ: سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسى، قَالَ: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع ذكره فسلمت عليه فرد السلام.
فقلت: ما وقوفك يا رسول الله؟ فقال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري.
فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرنا فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، قَالَ: حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، وأبو عبيد أحمد بن عروة بن أحمد بن إبراهيم، قالا: سمعنا أبا الحسن مهيب بن سليم بن مجاهد، يقول: توفي أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ليلة السبت، ليلة الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين.

نام کتاب : تاريخ بغداد - ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 2  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست