عنه ابن حجر في مقدمة " لسان الميزان " 1: 9، ونبهت إليه في التعليق مرارا.
ثم صدر الترجمة بقوله: " صدوق "، وهذا خلاصة رأيه في الرجل، وكثيرا ما يفعله في " الميزان ".
ثم نقل كلمة أبي حاتم وسقط منها كلمة " صدوق " فاضفتها من " الجرح " ووضعتها بين هلالين كبيرين لذلك.
وتراه لم ياخذ بكلمة ابن معين.
في حين أنه أخذ بها ضمنا في " الكاشف " فقال: " لين "، توليدا منه لحكم مستخلص من كلمة " صدوق " وكلمة: " ليس بشئ ".
وليس معنى هذا الاختلاف أنه كان في " الكاشف " من المتشددين، وصار في " الميزان " من المتساهلين، ولو كان كذلك لاعتراض علينا بما جاء في " الميزان " 4
9596) ، ترجمة يحيى بن أبي عمر السيباني: " صدوق ما علمت عليه مغمزا، قال أحمد: ثقة ثقة ".
ومن يكرر فيه أحمد كلمة التوثيق فهو في أعلى مراتب التعديل، فلم نزل به إلى " صدوق "؟ !.
ولو كان في " الكاشف " متشددا لما قال عن كل من الزبير بن الليد، وزيد بن أبي الشعثاء: " ثقة "، ولم يرو عن كل منهما إلا واحد، وليس فيهما إلا أن ابن حبان ذكرهما في " ثقاته "، فاين التشدد؟ !.
في أمثلة أخرى كثيرة تدل على أنه لا يوصف بتشدد ولا بتساهل، وأما هذا الاختلاف فمنشؤه مسيرة الرجل في كل كتاب، ومنهجه الذي انتهجه فيه.
والله سبحانه أعلم.
وأرى لزاما قبل أن أنتقل عن الحديث عن أحكام الذهبي في " الكاشف " أن أنبه إلى تسديد عبارة شائعة.
تلكم هي قول بعض الباحثين: فان - من الرواة -: وثقه - أو ضعفه - أحمد وابن معين، والبخاري، و ... ، والذهبي، وابن حجر، ود يحدثون ذلك وينسبونه إلى " الكاشف " و " التقريب ".
وفي هذا القول خطا أو تجوز كبير، فالذهبي وابن حجر وأمثالهما من العلماء المتأخرين لا ينسب إليهم توثيق ولا تضعيف، على معنى أنه هو منشئ ذلك وقائله، ذلك أن الذهبي - مثلا، وأقصر الحديث عليه للمناسبة التي أنا فيها - لم يعاصر الرواة ولم يخبرهم ليوثقهم أو يجرحهم، إنما يجمع أقوال المتقدمين وتخير منها باجتهاده، ويكتب ما يختاره في كتبه.
ولو أن القائل اقتصر على قوله: فلان وثقه الذهبي، لكان التجوز مقبولا نوعا ما، أمآ هذا العطف والتركيب: وثقه القطان وابن مهدي و..، والذهبي: فهذا تجوز كبير، في سواغيته نظر.
والله أعلم.