responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبرى - ط دار صادر نویسنده : ابن سعد    جلد : 4  صفحه : 75
§سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ

قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ جَرِيرٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، أَنَّ §سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي سَلْمَانُ: §أَتَعْلَمُ مَكَانَ رَامَ هُرْمُزَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي مِنْ أَهْلِهَا

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: «§أَنَا مِنْ أَهْلِ جِيٍّ»

أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: جِيُّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أُرْضِهِ، وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَمَا زَالَ فِي حُبِّهِ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، قَالَ: فَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَاطِنَ النَّارِ الَّتِي نُوقِدُهَا لَا نَتْرُكُهَا تَخْبُو، وَكَانَتْ لِأَبِي ضَيْعَةٌ فِي بَعْضِ عَمَلِهِ، وَكَانَ -[76]- يُعَالِجُ بُنْيَانًا لَهُ فِي دَارِهِ، فَدَعَانِي، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي بُنْيَانِي كَمَا تَرَى، فَانْطَلِقْ إِلَى ضَيْعَتِي، فَلَا تَحَبَّسَ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ شَغَلَتْنِي عَنْ كُلِّ ضَيْعَةٍ، وَكُنْتَ أَهَمَّ عِنْدِي مِمَّا أَنَا فِيهُ، فَخَرَجْتُ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ لِلنَّصَارَى، فَسَمِعْتُ صَلَاتَهُمْ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُمْ، وَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ صَلَاتِهِمْ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ، فَمَا بَرِحْتُهُمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَمَا ذَهَبْتُ إِلَى ضَيْعَةِ أَبِي وَلَا رَجَعْتُ إِلَيْهِ حَتَّى بَعَثَ الطَّلَبَ فِي أَثَرِي، وَقَدْ قُلْتُ لِلنَّصَارَى حِينَ أَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ أَمْرِهِمْ وَصَلَاتِهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ؟ قَدْ كُنْتُ عَهِدْتُ إِلَيْكَ، وَتَقَدَّمْتُ أَلَا تُحْتَبَسَ، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى نَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ أَمْرِهِمْ وَصَلَاتِهُمْ وَرَأَيْتُ أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا، قَالَ: فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: كَلَّا وَاللَّهِ، قَالَ: فَخَافَنِي، فَجَعَلَ فِي رِجْلِي حَدِيدًا، وَحَبَسَنِي، وَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّصَارَى أُخْبِرُهُمْ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ أَمَرَهُمْ، وَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ فَآذِنُونِي، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْهُمْ مِنَ التُّجَّارِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيَّ، فَأَرْسَلَتُ إِلَيْهِمْ إِنْ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فَآذِنُونِي، فَلَمَّا أَرَادُوا الرُّجُوعَ أَرْسَلُوا إِلَيَّ، فَرَمَيْتُ بِالْحَدِيدِ مِنْ رِجْلِي، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ، سَأَلْتُ عَنْ عَالِمِهِمْ، فَقِيلَ لِي: صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ أَسْقُفَهُمْ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، وَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ، فَإِنِّي قَدْ رَغِبَتْ فِي دِينِكَ. قَالَ: أَقِمْ، فَكُنْتُ مَعَهُ وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ فِي دِينِهِ، وَكَانَ يَأْمُرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ الْأَمْوَالَ اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلَالِ دَنَانِيرٍ وَدَرَاهِمَ، ثُمَّ مَاتَ، فَاجْتَمَعُوا لِيَدْفِنُوهُ، قَالَ: قُلْتُ: تَعْلَمُونَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ، فَأَخْبَرْتُهُمْ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي صَدَقَتِهِمْ، قَالَ: فَقَالُوا فَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ أَنَا أَدُلُّكُمُ عَلَى -[77]- ذَلِكَ، فَأَخْرَجْتُهُ، فَإِذَا سَبْعُ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، فَلَمَّا رَأَوْهَا، قَالُوا: وَاللَّهِ لَا تُغَيِّبُهُ أَبَدًا، ثُمَّ صَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ، وَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، وَجَاءُوا بِآخَرَ، فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ، قَالَ سَلْمَانُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا لَا يُصَلِّي الْخُمُسَ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ أَعْظَمَ رَغْبَةً فِي الْآخِرَةِ وَلَا أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا، وَلَا أَدْأَبَ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا مِنْهُ، وَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا مَا عَلِمْتُ أَنِّي أَحْبَبْتُ شَيْئًا كَانَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا حَضَرَهُ قَدَرُهُ، قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَمَاذَا تَأْمُرُنِي , وَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلًا بِالْمَوْصِلِ، فَأَمَّا النَّاسُ فَقَدْ بَدَّلُوا وَهَلَكُوا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَتَيْتُ صَاحِبَ الْمَوْصِلِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِعَهْدِهِ إِلَيَّ أَنْ أَلْحَقَ بِهِ وَأَكُونَ مَعَهُ، قَالَ: أَقِمْ فَأَقَمْتُ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُقِيمَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى أَمْرِنَا إِلَّا رَجُلًا بِنَصِيبِينَ، وَهُوَ فُلَانٌ فَالْحَقْ بِهِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبَاهُ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُقِيمَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قُلْتُ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ، وَفُلَانًا إِلَى فُلَانٍ، وَفُلَانًا إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلًا بِعَمُّورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ فَالْحَقْ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي وَخَبَرَ مَنْ أَوْصَى بِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقِمْ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ وَثَّابَ لِي شَيْءٌ حَتَّى اتَّخَذْتُ بَقَرَاتٍ وَغَنِيمَةً، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْبَحَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ بِدَيْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنَفِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ مُهَاجَرِهِ وَقَرَارِهِ ذَاتِ نَخْلٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَخْلُصَ إِلَيْهِ فَاخْلُصْ وَإِنَّ بِهِ آيَاتٍ لَا تَخْفَى -[78]-، إِنَّهُ لَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَهُوَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَإِنَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتَهُ، قَالَ: وَمَاتَ فَمَرَّ بِي رَكْبٌ مِنْ كَلْبٍ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ بِلَادِهِمْ، فَأَخْبَرُونِي عَنْهَا، فَقُلْتُ: أُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغَنَمِي عَلَى أَنْ تَحْمِلُونِي حَتَّى تَقْدُمُوا بِي أَرْضَكُمْ. قَالُوا: نَعَمْ، فَاحْتَمَلُونِي حَتَّى قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى، فَظَلَمُونِي، فَبَاعُونِي عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ، فَرَأَيْتُ بِهَا النَّخْلَ وَطَمِعْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلْدَةَ الَّتِي وُصِفَتْ لِي، وَمَا حَقَّتْ لِي، وَلَكِنِّي قَدْ طَمِعْتُ حِينَ رَأَيْتُ النَّخْلَ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَابْتَاعَنِي مِنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا، فَعَرَّفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي وَأَيْقَنْتُ أَنَّهَا هِيَ الْبَلْدَةُ الَّتِي وُصِفَتْ لِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ أَعْمَلُ لَهُ فِي نَخْلِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلّى الله عليه وسلم، وَخَفِيَ عَلَيَّ أَمْرُهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَنَزَلَ بِقُبَاءَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ نَخْلَةٍ وَصَاحِبِي جَالِسٌ تَحْتِي إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَيْ فُلَانُ قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ، إِنَّهُمْ آنِفًا لَيَتَقَاصَفُونَ عَلَى رَجُلٍ بِقُبَاءَ، قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيُّ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ هُوَ إِلَّا أَنْ قَالَهَا، فَأَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ فَرَجِفَتِ النَّخْلَةُ حَتَّى ظَنَنْتُ لَأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي، ثُمَّ نَزَلَتُ سَرِيعًا أَقُولُ: مَاذَا تَقُولُ؟ مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: فَرَفَعَ سَيِّدِي يَدَهُ، فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ، قُلْتُ: لَا شَيْءَ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَهُ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ، قَالَ: أَقْبِلْ عَلَى شَأْنِكَ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ عَلَى عَمَلِي وَلَهِيتُ مِنْهُ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جَمَعْتُ مَا كَانَ عِنْدِي، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَهُوَ بِقُبَاءَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَيْسَ بِيَدِكَ شَيْءٌ وَإِنَّ مَعَكَ أَصْحَابًا لَكَ وَأَنَّكُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ وَغُرْبَةٍ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ وَضَعْتُهُ لِلصَّدَقَةِ، فَلَمَّا ذُكِرَ لِي مَكَانُكُمْ رَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ، فَجَئْتُكُمْ بِهِ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «§كُلُوا» ، وَأَمْسَكَ هُوَ -[79]-، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاللَّهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ رَجَعْتُ، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَجَمَعْتُ شَيْئًا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ أُحِبُّ أَنْ أُكْرِمَكَ بِهِ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَيْتُهَا كَرَامَةً لَكَ لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ، فَأَكَلَ وَأَكَلَ أَصْحَابُهُ، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ أُخْرَى، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ، فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَدْ تَبِعَ جَنَازَةً وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ وَعَلَيْهِ شَمْلَتَانِ مُؤْتَزِرًا بِوَاحِدَةٍ مُرْتَدِيًا بِالْأُخْرَى، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَدَلْتُ لِأَنْظُرَ فِي ظَهْرِهِ، فَعَرَفَ أَنِّي أُرِيدُ ذَلِكَ وَأَسْتَثْبِتُهُ، قَالَ: فَقَالَ بِرِدَائِهِ، فَأَلْقَاهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي، قَالَ: فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُ الْخَاتَمَ مِنْ ظَهْرِهِ وَأَبْكِي، قَالَ: فَقَالَ: «تَحَوَّلْ عَنْكَ» ، فَتَحَوَّلْتُ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، فَأَحَبَّ أَنْ يُسْمِعَهُ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ أَسْلَمْتُ وَشَغَلَنِي الرِّقُّ وَمَا كُنْتُ فِيهِ حَتَّى فَاتَنِي بَدْرٌ وَأُحُدٌ، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «كَاتِبْ» ، فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ نَخْلَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَعِينُوا أَخَاكُمْ بِالنَّخْلِ» . فَأَعَانَنِي كُلُّ رَجُلٍ بِقَدْرِهِ بِالثَّلَاثِينَ وَالْعِشْرِينَ وَالْخُمُسَ عَشْرَةَ وَالْعَشْرَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا سَلْمَانُ اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا أَنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا فَلَا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي فَتُؤْذِنَنِي فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي» ، فَقُمْتُ فِي تَفْقِيرِي فَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنَا شَرَبًا ثَلَاثَمِائَةِ شَرْبَةٍ، وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي بِهِ مِنَ النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ، فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا شَرَبَهَا وَيُبَرِّكُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ جَمِيعًا، فَلَا وَالَّذِي نَفْسُ سُلَيْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهُ وَدِيَّةٌ وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ، أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ، فَتَصَدَّقَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه -[80]- وسلم: «مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ، ادْعُوهُ لِي» ، فَدُعِيتُ لَهُ، فَجِئْتُ فَقَالَ: «اذْهَبْ بِهَذِهِ فَأَدِّهَا عَنْكَ مِمَّا عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ» . قَالَ: وَقُلْتُ: وَأَيْنَ يَقَعُ هَذَا مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: «إِنْ سَيُؤَدِّي عَنْكَ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَضَعَهَا يَوْمَئِذٍ عَلَى لِسَانِهِ، ثُمَّ قَلَبَهَا، ثُمَّ قَالَ لِي: «اذْهَبْ فَأَدِّهَا عَنْكَ» ، ثُمَّ عَادَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَزِيدَ أَيْضًا، قَالَ سَلْمَانُ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَزَنْتُ لَهُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً حَتَّى وَفَّيْتُهُ الَّذِي لَهُ، وَعَتَقَ سَلْمَانُ وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَبَقِيَّةَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حُرًّا مُسْلِمًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ

نام کتاب : الطبقات الكبرى - ط دار صادر نویسنده : ابن سعد    جلد : 4  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست