نام کتاب : الطبقات السنية في تراجم الحنفية نویسنده : الغزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 93
قال أبو بكر بن دريد: كان ابن أبي دواد مألفاً لأهل الأدب، من أي بلد كانوا، وكان قد ضم منهم جماعة يعولهم ويمونهم، فلما مات حضر ببابه جماعة منهم، وقالوا: يدفن من كان على ساقه الكرم، وتاريخ الأدب، ولا نتكلم، إن هذا وهن وتقصير.
فلما طلع سريره قام إليه ثلاثة منهم، فقال أحدهم:
اليَومَ مات نظامُ المُلْكِ وَاللَّسَنِ ... ومات مَن كان يُستعدَى على الزَّمَنِ
وأظلمَت سُبُلُ الآدابِ إذ حُجِبَتْ ... شَمْسُ المَكارم في غَيْمٍ مَن الكَفَنِ
وتقدم الثاني، فقال:
ترك المَنابر والسريرَ تواضُعاً ... ولهُ مَنابرُ لو يَشا وسَريرُ
ولغَيْرِه يُجْبى الخَراجُ وإنمَا ... يُجْبى إليه مَحامِدٌ وأجُورُ
وتقدم الثالث، فقال: وليسَ فَتِيقَ المِسْك رِيحُ حَنُوطِهِ ولكنَّهُ ذَاك الثَّناءُ المُخَلَّفُ
وليسَ صَرِيرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُونَهُ ... ولكنهُ أصْلابُ قومٍ تَقَصَّفُ
هذا، وقد أطلقنا عنان القلم في ترجمة أحمد، ومع ذلك لو رُمنْا حصر محاسنه، وما يؤثر عنه من مكارم الأخلاق، ومن مساويها التي تُعزى إليه في أمر المحنة، لكل لسان القلم، وقصر باع الاطلاع.
وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد الوقوف على حاله، وما كان عليه من الحسن والقبح. تجاوز الله عنه، إنه جواد كريم.
155 - أحمد بن أبي السعود
ابن محمد بن مصلح الدين الرومي، العمادي
الآتي ذكر أبيه العلامة أبي السعود، مُفتي الديار الرومية، في محلة، إن شاء الله تعالى.
قال المولى قطب الدين، نزيل مكة المشرفة في حقه: كان نادرة زمانه في الذكاء والحفظ، والآداب، لم يسمع في هذا العصر له بنظير في هذا الباب.
اجتمعت به في سنة خمس وستين، بمدينة إصطنبول، وهو مدرس في مدرسة رستم باشا بخمسين عثمانياً، فأكرمني، وأضافني، وباسطني، فرأيت من حفظه، وذكائه، ما أدهشني وحيرني، مع صغر سنه، وكبر قدره وشأنه.
قال: وأخبرني أن مولده سنة أربع وأربعين وتسعمائة.
وأنه اشتغل على والده، وعلى المولى شمس الدين أحمد بن طاش كبرى، صاحب " الشقائق النعمانية ".
وكان يحفظ " مقامات الحريري " على ظهر الغيب، وقرأ لي منها عدة مقامات، ومع ذلك كان ينظم شعراً غريباً، بليغاً، في أعلى درجات الفصاحة، مع كمال الحسن، والملاحة، فلا أدري أي وصف يوفيه، وأي صنف من الفضل ما هو فيه، وماذا يقال فيه والدهر من رواته، وفن الأدب خامل ما لم يواته.
قال: وأنشدني من لفظه تخميس قصيدة لأبي الطيب المتنبي، وأنه هو الذي خمسها، وقد بقي في حفظي منها هذا البيت:
نشرتُ على الآفاقِ دُرَّ فوائدي ... وفي سِلْك شعْرِي قد نَظَمْتُ فَرائدي
فمن ذا يُضاهيني وتلك مَقاصدي ... وما الدهرُ إلا مِن رُواةِ قصائِدي
إذا قلتُ شِعْراً أصبح الدهرُ مُنشِدَا
فانظر إلى هذا السبك العجيب، والسكب الغفريب، واللفظ الذي يفوق الدر الرطيب.
وكان يدرس في " التلويح "؛ و " الهداية "، و " شرح المواقف "، و " شرح المفتاح "، وينقل " صحيح البخاري " بغاية التدقيق، والفهم الدقيق، واللفظ الأنيق، إلى أن ذوى غصن شبابه، وانطوت صحيفة كتابه، وتوفاه الله إلى رحمته، في حياة والده. انتهى.
قلت: وكان له أخ يُسمى محمداً، ولي قضاء الشام، وحلب، وتوفي في حياة أبيه أيضاً، وكان في العلم دون أخيه، وفي الجود ليس في أبناء جنسه من يوازيه، تغمده الله برحمته.
156 - أحمد بن أبي سعيد
أحمد بن أبي الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي،
القاضي الطبري، البخاري، الكعبي
الإمام العلامة.
مولده سنة ست وتسعين وأربعمائة.
وكانت له اليد الطولى في علم الخلاف، والنظر.
وتفقه على والده، وعلى الإمام البرهان.
وروى عنه أبو المظفر السمعاني، وقال: هو أستاذي في علم الخلاف.
ذكره الحاكم في " تاريخ نيسابور "، فقال: درس بنيسابور فقه الإمام أبي حنيفة نيفاً وستين سنة، وأفتى قريباً من هذا، وحدث سنتين.
ومات تقريباً في عشر الستين وخمسمائة. رحمه الله تعالى.
وإنما ذكرته هنا، ولم أذكره فيمن اسمه أحمد بن أحمد؛ لغلبة الكنية على اسم أبيه.
نام کتاب : الطبقات السنية في تراجم الحنفية نویسنده : الغزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 93