نام کتاب : الطبقات السنية في تراجم الحنفية نویسنده : الغزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 131
وأما قولك: إن هذا الأصل مجمع على تعليله، وقد اتفقنا على أن العلة فيه أحدى المغنيين؛ أما المعنى الذي ذكرته، (وإما المعنى الذي ذكرته) ، وأحدهما يتعدى، والآخر لا يتعدى، فيجب أن تكون العلة فيها ما يتعدى. فلا يصح؛ لأن اتفاقي معك على أن العلة أحد المعنيين لا يكفي في الدلالة على صحة العلة، وأن الحكم تعلق بهذا المعنى؛ لأن اجتماعنا ليس بحجة، لأنه يجوز الخطأ علينا، وإنما تقوم الحجة بما يقع عليه اتفاق الأمة، التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعصمتها.
وأما قولك: إن علتي متعدية. فلا تصح، لأن التعدي إنما يذكر لترجيح إحدى العلتين على الأخرى، وفي ذلك نظر عندي أيضاً، وأما أن يستدل بالتعدي على صحة العلة فلا، ولهذا لم نحتج نحن وإياكم على مالك في علة الربا، فإن علتنا تتعدى إلى ما لا تتعدى علته، ولا ذكر أحد في تصحيح علة الربا ذلك، فلا يجوز الاستدلال.
وأما فضل المعارضة، فإن العلة في الأصل ما ذكرت.
وأما الصبي والمجنون، فلا يلزمان؛ لأن التعليل واقع، لكونهما محلا لوقوع الطلاق، ويجوز أن يلحقهما الطلاق، وليس التعليل للوجوب، فيلزم عليه المجنون والصبي.
وهذا كما يقال: إن القتل علة إيجاب القصاص، ثم نحن نعلم أن الصبي لا يستوفى منه القصاص حتى يبلغ، وامتناع استيفائه من الصبي والمجنون لا يدل على أن القتل ليس بعلة لإيجاب القصاص.
كذلك ها هنا، يجب أن تكون العلة في الرجعية كونها زوجة، وإن كان لا يلحقها الطلاق من جهة الصبي؛ لأن هذا إن لزمني على اعتبار الزوجية، لزمك على اعتبار الاعتداد؛ لأنك جعلت العلة في وقوع الطلاق كونها معتدة، وهذا المعنى موجود في حق الصبي والمجنون، فلا ينفذ طلاقهما، ثم لا يدل ذلك أن ذلك ليس بعلة، وكل جواب له عن الصبي والمجنون في اعتباره العدة فهو جوابنا في اعتبار الزوجية.
وأما علة الفرع، فصحيحة أيضاً، وإنكارك لها لا يصح، لما ثبت أن من أصلك أن الطلاق لا يفيد أكثر من نقصان العدد، والذي يدل عليه جواز وطء الزوجية، وما زعمت من أن الرجعية تصح منه بالمباشرة غلط؛ لأنه لا يبتدئ بمباشرتها وهي أجنبية، فكان يجب أن يكون ذلك محرماً، ويكون تحريمه تحريم الزنا، كما قال صلى الله عليه وسلم: " العينان تزنيان، واليدان تزنيان، ويُصدِّق ذلك الفرج "، ولما قُلتُم: إنه يجوز أن يقدم على مباشرتها. دل على أنها باقية على الزوجية.
وأما ما ذكرت من مسألة العصير فلا يلزم أن العقود كلها لا تعود معقودة إلا بعقد جديد.
يبين صحة هذا البيع والإجارات، والصلح، والشركة، والمضاربات، وسائر العقود، فإذا كانت عامة العقود على ما ذكرناه، من أنها إذا ارتفعت لم تعد إلا باستئناف أمثالها، لم يجز إبطال هذا بمسألة شاذة عن الأصول.
وهذا كما قلت لأبي عبد الله الجرجاني، وقد فرقت بين إزالة النجاسة والوضوء، بأن إزالة النجاسة طريقها التروك، والتروك موضوعة على أنها لا تفتقر إلى النية كترك الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وغير ذلك، وألزمني على ذلك الصوم، فقلت له: غالبُ التروك وعامتها موضوعة على ما ذكرت، فإذا اشتد منها واحد لم ينتقض به غالب الأصول، ووجب رد المُختلف فيه إلى ما شهد له عامة الأصول وغالبها، لأنه أقوى في الظن.
وعلى أن من أصحابنا من قال: إن العقد لا ينفسخ في الرهن، بل هو موقوف مراعى، فعلى هذا لا أسلمه، ولأن أصل أبي حنيفة أن العقد لا يزول، والملك لا يرتفع.
فتكلم الشيخ أبو الحسين على الفصل الأول، بأن قال: قد ثبت أن الجمع بين المطالبة بتصحيح العلة وعدم التأثير، غير جائز.
وأما ما ذكرت، من أن هذا دليل، ما لم يظهر ما هو أقوى منه، كما نقول في القياس، وخبر الواحد، فلا يصح، وذلك أنا لا نقول: إن كل قياس دليل وحجة، فإذا حصل القياس في بعض المواضع يعارضه إجماع لم نقل إن ذلك قياس صحيح، بل نقول: هو قياس باطل، وكذلك لا نقول: إن ذلك الخبر حجة ودليل.
فأما القاضي، أيده الله تعالى، فقد قطع في هذا الموضع، بأن هذا لا تأثير له، فلا يصح مطالبته بالدليل على صحة العلة.
وأما الفصل الآخر، وهو الدلالة على أن الأصول معللة فقد أعاد فيه ما ذكره أولاً، من ورود الظواهر، ولم يرد عليه شيئاً يُحكى.
وأما قولك: إن إجماعي وإياه ليس بحجة، فإني لم أذكره لأني جعلته حجة، وإنما ذكرته اتفاقياً، لقطع المنازعة.
نام کتاب : الطبقات السنية في تراجم الحنفية نویسنده : الغزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 131