responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروضة الفيحاء في أعلام النساء نویسنده : الخطيب العمري، ياسين    جلد : 1  صفحه : 105
فقالت لها: وعدته في قبلة ثم رجعت عنها. فقالت لها أم البنين [إنجزيها] وعلي إثمها، فاستأثمت وأعتقت أم البنين] أربعين عبداً عند الكعبة، وقالت: اللهم إني أتبرأ إليك مما قلت لعزة، ولكثير فيها من الشعر كثير:

وما روضةٌ بالحزنِ طاهرةُ النَّدى ... يمجُّ النَّدى جثجاثها وعرارها
بأطيبَ منْ أردان عزَّة موهنا ... وقدْ أوقدتْ بالمندلِ الرطبِ نارها
وفي سنة مائة خمس، سار زوج عزة إلى الحاج، ومعه عزة، فبلغ ذلك كثير فتبعهم طمعاً بأن يحظى بنظرة من عزة فلما كان وقت الطواف نظر كثير إلى عزة قد مضت إلى جمله، ومسحت ما بين عينه، فبادر كثير إليها ففاتته خوفاً من زوجها، فوقف كثير على الجمل وقال:

حيَّتكَ عزَّةُ بعدَ الحاجِّ وانصرفتْ ... فحيِّ، ويحكَ منْ حياكَ يا جملُ
لو كنتَ حييتها ما مازلتَ ذا مقّةٍ ... عندي، ولا مسَّكَ الإدلاجُ والعملُ
فسمعه الفرزدق فقال له: من أنت؟ قال: كثير عزة، فأنت من أنت؟ قال: الفرزدق. قال: أنت القائل: شعر:

جدّتْ جمالهمْ بكلّ خريدة ... تركتْ فؤادي هائماً مخبولاً
لو كنتُ أملكهمْ إذا لمْ يرحلوا ... حتى أودعَ قلبيَ المبتولا
ساروا بقلبي في الحذورِ وغادروا ... جسمي يعالجُ زفرةً وعويلا
فقال الفرزدق: نعم: فقال كثير: والله لولا أني في الحرم لأصيحن صيحة أفزع منها هشام على سرير ملكه بالشام! فقال الفرزدق: والله لأعرفن هشام بذلك! ثم افترقا ولم يلتق كثير بعزة سوى تلك المرة، ودخل الفرزدق على هشام وحكى له حديث كثير، فقال له: اكتب له بالحضور إلى عندنا حتى نطلق عزة من زوجها ونزوجها له. فكتب الفرزدق له، وقدم كثير يريد الشام فمر على بني فهد فنظر شيخاً جالساً، وكان كثير قد رأى قبله غراباً على بانة يتفلى وريشه يتساقط، وقد تغير لون كثير، فقال له الشيخ: ما أصابك؟ هل رأيت شيئاً رأيك؟ قال كثير: رأيت غراباً على بانة وريشه يتساقط فقال الشيخ: الغراب غربة: والبانة بين، والتفلي فرقة، فازداد كثير حزناً، وسار ودخل دمشق فوجد الناس يصلون على جنازة، فنزل عن ناقته، وصلى معهم، فلما تمت الصلاة صاح رجل: لا إله إلا الله ما أغفلك يا كثير عن هذا اليوم؟ فقال كثير: وما هذا ليوم؟ فقال هذه جنازة عزة! فخر مغشياً عليه، ثم أفاق وشهق شهقة فمات ... ودفن مع عزة في يوم واحد، وذلك سنة مائة وخمس. ونظير هذا ممن مات في عشقه كمداً ماحكي أن الجاحظ ذكر للواثق فأحضره ليؤدب أولاده، فلما رآه الواثق استشبع منظره، وأمر له بعشرة آلاف درهم وصرفه، قال الجاحظ: فقبضتها وخرجت فلقيت محمد بن إبراهيم، وهو يريد الانحدار إلى مدينة السلام، فطلبني فانحدرت معه ونصبت بيننا ستارة وبين جواربه وأمر بالغناء، فأحضرت الملاهي، واندفعت العوادة تغني. شعر:

كلُ يومِِ قطيعة وعتابُ ... ينقضي دهرنا ونحنُ غضابُ
ليتَ شعري إنَّا خصصنا بهذا ... دون ذا الخلقِ أم كذا الأحبابُ
ثم سكتت فأمر الطنبورية، فغنت: شعر:

وارحمهُ للعاشقينا ... ما إنْ أرى هم معينا
كمْ يهجرونَ ويعرضونَ ... ويقطعونَ فيصبرونا
فقالت العوادة: فما يصنعون؟ قالت: يصنعون هكذا، فرفعت الستارة، وبدت كأنها قمر، ثم رمت بنفسها في الماء، وكان على رأس محمد غلام حسن، وفي يده مدية فألقاها من يده وأتى إلى الموضع الذي ألقت نفسها الجارية [فيه] وأنشد:

أنتَ التي غرقتني ... بعدَ القضا لوْ تعلمنا
ورمى نفسه في أثرها، فأدار الملاح الحراقة فإذا بهما متعانقين ثم غاصا.
فقال: يامحمد، ياعمرو [والله] إن لم تحدثن بحديث يسليني، وإلا لحقت بهما. قال الجاحظ: فحضرني خبر سليمان بن عبد الملك، وقد جلس للمظالم، وعرضت عليه القصص فوجد قصة مكتوب فيها: إن رأى أمير المؤمنين أعزه الله أن يخرج لي جاريته فلانة حتى تغنى ثلاث أصوات فعل إن شاء الله. فغضب سليمان وأمر بقتله، ثم عفا عنه وأحضره، وقال له: ماحملك على هذا؟ فأجلسه وخرج بنو أمية، وأمر بالجارية فأحضرت ومعها عود فقال لها سليمان: غني مايقول لك.
فقال لها: غني:

تألَّق البرقُ نجدياً فقلتُ لهُ ... ياأيُّها البرقُ إنِّي عنك مشغولُ
فغنته فقال لسليمان: أتأمر لي برطل خمر فأتى به وشرب. وقال لها: غني.

نام کتاب : الروضة الفيحاء في أعلام النساء نویسنده : الخطيب العمري، ياسين    جلد : 1  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست