ارتاح فقمت ففتحت الباب فإذا أنا برجل عليه فرو على أم رأسه خرقة ما تحت فروة قميص ولا معه ركوة ولا جراب ولا عكاز قد لوحته [1] الشمس فقلت: ادخل، فدخل الدهليز فقلت: من أين أقبلت؟ فقال من ناحية المشرق أريد بعض هذه السواحل، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد إلا أني نويت السلام عليك، قال قلت له: على هذه الحال؟ قال: نعم، ما (2) الزهد في الدنيا قلت: قصر الأمل قال فجعلت أعجب منه فقلت في نفسي: ما عندي ذهب ولا فضة قد خلت البيت فأخذت أربعة أرغفة فخرجت إليه فقلت: ما عندي ذهب ولا فضة وإنما هذا
[من - 3] قوتي، فقال أو يسرك أن أقبل ذلك يا أبا عبد الله؟ قلت: نعم، قال فأخذها فوضعها تحت حضنه وقال: أرجو أن تكفيني هذه زادي إلى الرقة، أستودعك الله، قال فلم أزل قائما أنظر إليه إلى أن خرج - وكان يذكره كثيرا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال ذكر يوما عنده - يعني أبيه - رجل فقال: يا بني، الفائز من فاز غدا، ولم يكن لأحد عنده تبعة - وذكرت له ابن [أبي - 3] شيبة وعبد الأعلى البرسي ومن قدم به إلى العسكر (4) من المحدثين فقال إنما كانت أياما قلائل ثم تلاحقوا وما نحلوا (5) منها بكبير شئ.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سمعت أبي يقول - وذكر الدنيا فقال: قليلها يجزي (6) وكثيرها لا يجزي (7) [1] في ك ود " لوعته " (2) د " فما " (3) من م (4) د " إلى المعسكر " (5) لعله " حلوا " (6) اي يكفى من قتع وفى م " يحرن " (7) أي لا يكفى من لا يقنع وفي م " لا يحزن ".
(*)