إلى بيته يأوي الغريب إذا شتا ... ومهتلك بالي الدريسين عائل [1]
تكاد يداه تسلمان رداءه ... من الجود لِمَا استقبلته الشمائل [2]
فأقسم لو لاقيته غير موثق ... لآبك بالجزع الضباع النواهل [3]
وإنك لو واجهته ولقيته ... ونازلته، أو كنت ممن ينازل
لكنت جميل [4] أسوأ الناس صرعة ... ولكن أقران الظهور مقاتل
وهي أطول من هَذَا. وقد قيل: إن هَذَا الشعر يرثي بِهِ أخاه عروة بن مرة. ومن جيد قَوْله فِي أخيه [5] :
تَقُولُ: أراه بعد عروة لاهيا ... وَذَلِكَ رزء- ما علمت- جليل
فلا تحسبي أني تناسيت عهده ... ولكن صبري يا أميم جميل
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... خليلا صفاء: مالك وعقيل [6]
قَالَ أبو عمر [7] : ولأبي خراش أيضا فِي المراثي أشعار حسان، فمن شعر لَهُ:
حمدت إلهي بعد عروة إِذْ نجا ... خراش وبعض الشر أهون من بعض
عَلَى أنها تدمي [8] الكلوم، وإنما ... توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضى [9]
فو الله لا أنسى قتيلا رزئته ... بجانب قوسي [10] ما مشيت عَلَى الأرض
ولم أدر من ألقى عَلَيْهِ رداءه ... عَلَى أَنَّهُ قد سل من ماجد محض [11]
قَالَ أبو عمر: لَمْ يبق عربي بعد حنين والطائف إلا أسلم، منهم من قدم، ومنهم من لَمْ يقدم، وقنع بما أتاه بِهِ وافد قومه من الدين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[1] الدريسان: الثوبان الباليان. وعائل: فقير.
[2] أي: يداه لا تحبسان شيئا من ماله، فهو يعطى إذا هاجت الشمال في الشتاء. وهذا كناية عن الجدب.
[3] النواهل: المشتهيات للأكل، كما تشتهي الإبل الماء. والجزع: منعطف الوادي. [4] في المطبوعة والاستيعاب 4/ 1637: «جميلا» . والمثبت عن المصورة. ورواية الديوان.
لظل جميل أسوأ القوم تلة ولكن قرن الظهر للمرء قاتل يريد بقرن الظهر: القرن الّذي جاءه من وراء ظهره. [5] ديوان الهذليين: 2/ 116.
[6] هما نديما جذيمة الأبرش، وإليهما يشير متمم بن نويرة:
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتَّى قيل: لن يتصدعا انظر قصة ندمانى جذيمة في عيون الأخبار: 1/ 274. [7] الاستيعاب: 4/ 1638، وانظر ديوان الهذليين: 2/ 157- 158. [8] في ديوان الهذليين: «بلى، إنها تعفو الكلوم» .
[9] يقول: إنما نحن نحزن على الأقرب فالأقرب، ومن مضى ننساه وإن عظم. [10] قوسى: موضع ببلاد السراة من الحجاز.
[11] يقول: لما صرع ألقى رجل ثيابه على خراش فواراه، وشغلوا بقتل عروة، فنجا خراش.