صلى الله عَلَيْهِ وسلم خَالِد بْن الوليد، فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام، ونزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا 49: [6] ... الآية. [1] ومما [يرد [2]] قول من جعله صبيا فِي الفتح: أن الزبير وغيره من أهل النسب والعلم بالسير ذكروا: أن الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما [3] أم كلثوم بنت عقبة عن الهجرة، وكانت هجرتها فِي الهدنة يوم الحديبية، فمن يكون غلاما فِي الفتح لا يقدر أن يرد أخته قبل الفتح، والله أعلم.
ثُمَّ ولاه عثمان رضي الله عَنْهُ الكوفة، وعزل عنها سعد بن أبي وقاص، فلما قدم الوليد عَلَى سعد قَالَ لَهُ: والله ما أدري أكست [4] بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال: لا تجزعن أبا إسحاق، فإنما هُوَ الملك يتغداه قوم، ويتعشاه آخرون. فقال سعد: أراكم ستجعلونها ملكا [5] .
وَكَانَ من رجال قريش ظرفا وحلما، وشجاعة وأدبا، وَكَانَ من الشعراء المطبوعين، كَانَ الأصمعي وَأَبُو عبيدة والكلبي وغيرهم يقولون: كَانَ الوليد شريب خمر، وَكَانَ شاعرا كريما.
وروى عمر بن شبة عن هارون بن معروف، عن ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب قَالَ:
صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات، ثُمَّ التفت إليهم فقال: أزيدكم؟
فقال عبد الله بن مسعود: ما زلنا معك فِي زيادة منذ اليوم [6] !.
قَالَ أبو عمر: وخبر صلاته بهم سكران، وقوله لَهُم: «أزيدكم» بعد أن صلى الصبح أربعا، مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث.
ولما شهدوا عَلَيْهِ بشرب الخمر، أمر عثمان بِهِ فجلد وعزل عن الكوفة، واستعمل عثمان بعده عليها سعيد بن العاص.
أخبرنا أبو القاسم يعيش بْن عَليّ الفقيه، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد يَحْيَى بن محلي بن مُحَمَّد ابن الطراح، أخبرنا الشريف أبو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن المهتدي، أخبرنا عَليّ بن عمر [1] الاستيعاب: 4/ 1552- 1553. [2] في المطبوعة والمصورة: «ومما يدل على قول من جعله ... » . ولا يستقيم عليه السياق. فما يذكره ابن الأثير يرد كونه صبيا يوم الفتح. فأثبتنا «يرد» مكان «يدل على» . [3] سيرة ابن هشام: 266. [4] أي: غلبتنا بالكيس، وهو العقل. [5] سيرة ابن هشام: 4/ 1554. [6] الاستيعاب: 4/ 1554.