responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسد الغابة ط الفكر نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 654
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْطَلِقْ مَعِي فَأَعِدْنِي [1] عَلَى فُلانٍ، فَإِنَّهُ قَدْ ظَلَمَنِي. قَالَ: فَرَفَعَ الدِّرَّةَ فَخَفَقَ بِهَا رَأْسَهُ فَقَالَ: تَدْعُوَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ مُعْرِضٌ [2] لَكُمْ، حَتَّى إِذَا شُغِلَ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَتَيْتُمُوهُ: أَعِدْنِي أَعِدْنِي! قَالَ: فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَتَذَمَّرُ- قَالَ: عَلَيَّ الرَّجُلُ. فَأَلْقَى إِلَيْه الْمِخْفَقَةَ [3] وَقَالَ: امْتَثِلْ. فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، وَلَكِنْ أَدَعُهَا للَّه وَلَكَ. قَالَ: لَيْسَ هَكَذَا، إِمَّا أَنْ تَدَعُهَا للَّه إِرَادَةَ مَا عِنْدَهُ أَوْ تَدَعُهَا لِي، فَأْعَلَمَ ذَلِكَ. قَالَ: أَدَعُهَا للَّه. قَالَ: فَانْصَرَفَ. ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ، فَصَلَّى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الْخَطَّابِ، كُنْتَ وَضِيعًا فَرَفَعَكَ اللَّهُ، وَكُنْتَ ضَالا فَهَدَاكَ اللَّهُ، وَكُنْتَ ذَلِيلا فَأَعَزَّكَ اللَّهُ، ثُمَّ حَمَلَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ فَجَاءَكَ رَجُلٌ يَسْتَعْدِيكَ فَضَرَبْتَهُ، مَا تَقُولُ لِرَبِّكَ غَدًا إِذَا أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ مُعَاتَبَةً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الحسن، أنبأنا أبو الحسين الْمُهْتَدِي، أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنِ ابْنِ بن مُلَيْكَةَ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ قَدْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا إِذ جَاءَ الْغُلامُ فَقَالَ: هَذَا عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ [4] بِالْبَابِ، قَالَ: وَمَا أَقْدَمَ عُتْبَةَ؟ ائْذَنْ لَهُ. فَلَمَّا دَخَلَ رَأَى بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ طَعَامَهُ:
خُبْزٌ وَزَيْتٌ. قَالَ: اقْتَرِبْ يَا عُتْبَةُ فَأَصِبْ مِنْ هَذَا. قَالَ: فَذَهَبَ يَأْكُلُ فَإِذَا هُوَ طَعَامٌ جَشِبٌ [5] لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسِيغَهُ. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ لَكَ فِي طَعَامٍ يُقَالُ لَهُ: الْحُوَارِيُّ [6] ؟ قَالَ:
وَيْلَكَ، وَيَسَعُ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ. قَالَ: وَيْلَكَ يَا عُتْبَةُ، أَفَأَرَدْتَ أَنْ آكُلَ طَيِّبًا فِي حَيَاتِي الدُّنْيَا وَأَسْتَمْتِعُ؟.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى حَفْصَةَ ابْنَتِهِ، فَقَدَّمَتْ إِلَيْه مَرَقًا بَارِدًا [وَخُبْزًا] [7] وَصَبَّتْ فِي الْمَرَقِ زَيْتًا، فَقَالَ: أَدَمَانٌ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ! لا أَذُوقُهُ حَتَّى أَلْقَى الله عز وجل [8] .

[1] أعداه عليه: نصره وأعانه.
[2] أي: ظاهر لكم، يقال: أعرض الشيء يعرض من بعيد إذا ظهر.
[3] المخففة: الدرة.
[4] في المطبوعة: «عتبة أبى فرقد» . وهو خطأ. وقد سبقت ترجمته برقم 3551: 3/ 567.
[5] الجشب: الخشن الغليظ.
[6] الخبز الحواري- بضم الحاء وتشديد الواو-: الّذي نخل مرة بعد مرة.
[7] عن الطبقات الكبرى.
[8] الطبقات الكبرى لابن سعد: 3/ 1/ 230.
نام کتاب : أسد الغابة ط الفكر نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 654
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست