والظاهر من كلام ابن إِسْحَاق موافقة ابن الكلبي، فإنه قال في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ومن بني أمية بْن زَيْد بْن مَالِك بْن عَوْفٍ: مُبَشِّرُ بْن عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَرِفَاعَةُ بْن عبد المنذر، ولا عقب له، وعبيد ابن أَبِي عبيد، ثم قال: وزعموا أن أبا لبابة بْن عبد المنذر والحارث بْن حاطب ردهما رَسُول اللَّهِ من الطريق، فقد جعل أبا لبابة غير رفاعة، مثل الكلبي. هذه رواية يونس.
ورواه ابن هشام عَنِ ابن إِسْحَاق فذكر مبشرًا، ورفاعة، وأبا لبابة، مثله. وذكره غيرهم وقال: وهم تسعة نفر فكانوا مع مبشر ورفاعة وأبي لبابة تسعة. وهذا مثل قول الكلبي صرح به، فظهر بهذا أن الحق مع أَبِي نعيم، إلا عَلَى قول من يجعل رفاعة اسم أَبِي لبابة، وهم قليل، وقد تقدم في بشير، ويرد في الكنى إن شاء اللَّه تعالى، وبالجملة فذكر دينار في نسبه وهم. والله أعلم. 1692- رفاعة بن عبد المنذر
(ب د ع) رفاعة بْن عبد المنذر بْن زنبر بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عمرو بْن عوف بْن مالك بْن الأوس، أَبُو لبابة الأنصاري الأوسي، وهو مشهور بكنيته.
وَقَدْ اختلف فِي اسمه فقيل: رافع: وقيل: بشير. وقد ذكرناه في الباء، وقد تقدم الكلام عليه في الترجمة التي قبل هذه، ونذكره في الكنى إن شاء اللَّه تعالى.
خرج مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بدر، فرده النَّبِيّ من الروحاء [1] إِلَى المدينة أميرًا عليها، وضرب له بسهمه وأجره.
روى عنه ابن عمر، وعبد الرحمن بْن يَزِيدَ، وَأَبُو بكر بْن عمرو بْن حزم، وسعيد بْن المسيب، وسلمان الأغر، وعبد الرحمن بْن كعب بْن مالك وغيرهم. وهو الَّذِي أرسله رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم إلى بني قريظة لما حصرهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر بْن السمين بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قال: حدثني والدي إِسْحَاق بْن يسار، عَنْ معبد بْن كعب بْن مالك السلمي، قال: ثم بعثوا، يعني بني قريظة إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أن] [2] ابعث إلينا أبا لبابة بْن عبد المنذر، وكانوا حلفاء الأوس، نستشيره في أمرنا، فأرسله رَسُول الله إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجهش [3] إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم، وقالوا له: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل عَلَى حكم مُحَمَّد؟ فقال: نعم. وأشار بيده إِلَى حلقه، إنه الذبح، قال أبو لبابة:
فو الله ما زالت قدماي ترجفان حين عرفت أني قد خنت اللَّه ورسوله، ثم انطلق عَلَى وجهه، ولم يأت رَسُول اللَّهِ حتى ارتبط في المسجد إِلَى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوب اللَّه عليَّ مما صنعت وعاهد [1] الروحاء: موضع على نحو أربعين ميلا من المدينة. [2] عن سيرة ابن هشام: 2- 236. [3] في الأصل والمطبوعة: بهش، وما أثبته عن السيرة، والجهش: أن يفزع الإنسان إلى الإنسان ويلجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كما يفزع الصبى إلى أمه وأبيه.