وقال أهل صهيب وولده ومصعب الزبيري: إنه هرب من الروم لما كبر وعقل، فقدم مكة فحالف ابن جدعان، وأقام معه إِلَى أن هلك.
ولما بعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أسلم وكان من السابقين إِلَى الإسلام قال الواقدي: أسلم صهيب وعمار في يَوْم واحد، وكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلًا، وكان من المستضعفين بمكة الذين عذبوا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُور بْن مكارم بْن أحمد بن سعد بإسناده إلى أبي زكريا يزيد بن إياس، قال: وكان اشتراه عَبْد اللَّهِ بْن جدعان، يعني صهيبًا، من كلب بمكة، وكانت كلب اشترته من الروم، فأعتقه، وأسلم صهيب ورسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دار الأرقم بعد بضعة وثلاثين رجلًا، وكان من المستضعفين بمكة المعذبين في اللَّه، عز وجل، وقدم في آخر الناس في الهجرة إِلَى المدينة علي بْن أَبِي طالب وصهيب، وذلك في النصف من ربيع الأول ورسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقباء لم يرم [1] بعد.
وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين الحارث بْن الصمة، ولما هاجر صهيب إِلَى المدينة تبعه نفر من المشركين، فنثل [2] كنانته وقال لهم: يا معشر قريش، تعلمون أنّى من أرماكم، وو الله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه، قَالُوا: فدلنا عَلَى مالك ونخلي عنك، فتعاهدوا عَلَى ذلك، فدلهم عليه، ولحق برسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ربح البيع أبا يحيى، فأنزل اللَّه عز وجل: وَمن النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ الله، وَالله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ [3][2]: 207 وشهد صهيب بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ مَكَارِمَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ: السُّبَّاقُ أَرْبَعَةٌ، أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ فَارِسَ وَبِلالٌ سَابِقُ الحبش. [1] لم يرم: لم يبرح. [2] نثل الكنانة: أخرج ما فيها من السهام. [3] البقرة: 207.