وأمه صفية بِنْت معمر بْن حبيب بْن وهب بْن حذافة بْن جمح، جمحية أيضًا، يكنى أبا وهب، وقيل: أَبُو أمية.
قال ابن شهاب: أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لصفوان: أنزل أبا وهب. وروى أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: أبا أمية. قتل أبوه أمية بْن خلف يَوْم بدر كافرًا، ولما فتح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة، هرب صفوان بْن أمية إِلَى جدة، فأتى عمير بْن وهب بْن خلف، وهو ابن عم صفوان، إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه ابنه وهب بْن عمير، فطلبا له أمانًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنه، وبعث إليه بردائه، أو ببردة له، وقيل: بعمامته التي دخل بها مكة أمانًا له، فأدركه وهب بْن عمير، فرجع معه، فوقف عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وناداه في جماعة من الناس: يا مُحَمَّد، إن هذا وهب بْن عمير، يزعم أنك أمنتني عَلَى أن لي مسير شهرين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: انزل أبا وهب. فقال:
لا حتى تبين لي. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انزل ولك مسير أربعة أشهر. فنزل، وسار مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حنين، واستعار منه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلاحًا، فقال: طوعًا أو كرهًا، فقال:
بل طوعًا عارية مضمونة. فأعاره، وشهد حنينًا كافرًا، فلما انهزم المسلمون قال كلدة بْن الحنبل، وهو أخو صفوان لأمه: ألا بطل السحر! فقال صفوان: اسكت، فضّ الله فاك، فو الله لأن يربني [1] رَجُل من قريش أحب إليَّ من أن يربني رجل من هوازن. يعني عوف بْن مالك النضري، ولما ظفر المسلمون أعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حنين.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ، عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْخَلالُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيّ، عن سعيد ابن الْمُسَيِّبِ، عَنْ صَفْوَانَ، أَنَّهُ قَالَ: «أَعْطَانِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وَإِنَّهُ لأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ [2] » .
ولما رَأَى صفوان كثرة ما أعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: والله ما طابت بهذا إلا نفس نبي، فأسلم.
وكان من المؤلفة، وحسن إسلامه وأقام بمكة، فقيل له: من لم يهاجر هلك، ولا إسلام لمن لا هجرة له: فقدم المدينة مهاجرًا، فنزل عَلَى العباس بْن عبد المطلب، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح. وقال: عَلَى من نزلت؟ فقال: على [1] أي يسود على ويكون أميرا. [2] تحفة الأحوذي، كتاب الزكاة: 3/ 333، 334. والحديث رواه أحمد في المسند: 3/ 401.