أَبُو هريرة لما سها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة، فقال ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ وصح عَنْ أَبِي هريرة أَنَّهُ قَالَ: صلى بنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى صلاتي العشى، [فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ] [1] فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ ... وَأَبُو هريرة أسلم عام خيبر بعد بدر بأعوام، فهذا يبين لك أن ذا اليدين الذي راجع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصلاة يومئذ ليس بذي الشمالين، وكان الزُّهْرِيّ عَلَى علمه بالمغازي يقول: إنه ذو الشمالين المقتول ببدر، وَإِن قصة ذي الشمالين كانت قبل بدر، ثم أحكمت الأمور بعد ذلك.
أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بن هبة الله بإسناده، عن عبد الله بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابن الْمُثَنَّى، أَخْبَرَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْثُ بْنُ مُطَيْرٍ [2] ، عَنْ أَبِيهِ مطير، ومطير حَاضِرٌ يُصَدِّقُ مَقَالَتَهُ، قَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَقِيَكَ بِذِي خُشُبٍ، وَأَخْبَرَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ إِحْدَى صَلاتَيِ الْعَشِيِّ، وَهِيَ الْعَصْرُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَخَرَجَ سَرَعَانُ [3] النَّاسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: قُصِرَتِ الصَّلاةُ، [وَقَامَ [4]] وَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَحِقَهُ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يا رسول الله، أَقُصِرَتِ الصَّلاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: مَا قُصِرَتِ الصلاة ولا نسيت. ثم أقيل عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ:
مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالا: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وَثَابَ النَّاسُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ. وَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَيْسَ ذا الشمالين المقتول ببدر، لأن مطرا مُتَأَخِّرٌ جِدًّا لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم.
أخرجه الثلاثة.
1561- ذو يزن الرهاوي
(س) ذو يزن مالك بْن مرارة الرهاوي.
بعثه زرعة [5] إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقدم بكتاب ملوك حمير عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقدمه من تبوك بإسلام الحارث بْن عبد كلال، ونعيم بْن عبد كلال، والنعمان قيل ذي رعين وهمدان ومعافر- ومفارقهم الشرك وأهله. فكتب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع ذي يزن:
«أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إلا هو، أما بعد، فقد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم، فلقينا بالمدينة، فبلّغ ما أرسلم، وخبر ما قبلكم وأنبانا بإسلامكم وقتلكم المشركين، وأن الله عز وجل [1] عن الاستيعاب: 475. [2] في الأصل والمطبوعة: شعيب، ينظر المشتبه: 397. [3] السرعان، بفتح السين والراء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة. ويجوز تسكين الراء. [4] عن الاستيعاب: 476. [5] هو زرعة بن سيف، وستأتي ترجمته.