ذكر صفته وشيء من أخلاقه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسين بن توحن بن أبوية بن النعمان الباورى، وأحمد بن عثمان بن أبي علي، قالا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الواحد بن محمد النيلي الأصفهاني، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن منصور الخليلي البلخي، أخبرنا أبو القاسم عَليّ بن أحمد بن مُحَمَّد الخزاعي، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، حدثنا محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، حَدَّثَنَا سفيان بن وكيع، حَدَّثَنَا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجليّ، حدثني رجل من وفد أبي هالة زوج خديجة، يكنى: أبا عبد الله، عن ابن أبي هالة، عن الْحَسَن بن على رضى الله عنهما قَالَ:
سألت خالي هند بن أبي هالة، وكان وصافا، عن حلية رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق بِهِ، فقال:
كَانَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم فخما [1] مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر، إن انفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هُوَ وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ فِي غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب أقنى العرنين، لَهُ نور يعلوه، يحسبه من لَمْ يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية فِي صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين السرة واللبة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالى الصدر، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، أو سائن الأطراف، خمصان، الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعا يخطو تكفيا، ويمشي هونا ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وَإِذَا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه، يبدر من لقي بالسلام.
قال: وحدثنا محمد بن عيسى، أحمد بن عبدة الضبيّ، وعلى بن حجر، وأبو جعفر محمد بن الحسين وهو ابن أبى حليمة، المعنى واحد، قالوا حدثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة، حدثنا إبراهيم بن محمد من ولد على بن أبى طالب قال:
كان على رضى الله عنه إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يكن بالطويل الممغط ولا بالقصير المتردد، كان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم كان في وجهه تدوير أبيض مشرب، أدعج العينين أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما ينحط من صبب، إذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجرأ الناس صدرا وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلّى الله عليه وسلم. [1] سيشرح المؤلف هذه الكلمات الغريبة بعد ذلك.