الهجرة إلى المدينة
لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما نذكره، إن شاء الله تعالى، أمر أصحابه فهاجروا إلى المدينة، وبقي هو وأبو بكر وعلى فخرج هو وأبو بكر مستخفيين من قريش فقصدا غارا بحبل ثور، فأقاما به ثلاثة، وقيل أكثر من ذلك ثم سارا إلى المدينة ومعهما عامر بن فهيرة مولى أبى أبي بكر، ودليلهم عبد الله بن أريقط، وكان مقامه بمكة عشر سنين، وقيل ثلاث عشرة سنة، وقيل خمس عشرة سنة، والأكثر ثلاث عشرة سنة. وكان قدوم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة في قول ابن إسحاق يوم الإثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، وقال الكلبي: خرج من الغار أول ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت منه يوم الجمعة، والله تعالى أعلم.
ذكر الحوادث بعد الهجرة
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ الأَصْبَهَانِيُّ، أخبرنا الأديب أبو الطيب طلحة بن أبى منصور الحسين ابن أبى ذر الصالحانى، أخبرنا جدي أبو ذر محمد بن إبراهيم سبط الصالحانى، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، حدثنا ابن أبى حاتم، حدثنا الفضل بن شاذان، حدثنا محمد بن عمرو زنيج، حدثنا أبو زهير، حدثنا الحجاج بن أبى عثمان الصواف عن أبى الزبير عن جابر قال: غزا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى وعشرين غزوة بنفسه، شهدت منها تسع عشرة غزوة وغبت عن اثنتين.
أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده، عن يونس عن ابن إسحاق قال: فجميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ست وعشرون غزوة.
وأول غزوة غزاها «ودّان [1] » وهي الأبواء قال ابن إسحاق: وكان آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حتى قبضه الله تعالى تبوك، وبالإسناد عن ابن إسحاق قال: وكانت سرايا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبعوثه فيما بين أن قدم المدينة إلى أن قبضه الله خمسة وثلاثين من بعث وسرية.
وفي السنة الأولى من الهجرة بعد شهر من مقدمه المدينة، جعلت الصلاة أربع ركعات، وكانت ركعتين.
وفيها صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة لما ارتحل من قباء إلى المدينة، صلاها في طريقه في بنى سالم وهي أول جمعة صليت، وخطبهم وهي أول خطبة في الإسلام.
وفيها بنى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده ومساكنه ومسجده قباء.
وفيها أرى عبد الله بن زيد الأذان [2] ، فعلمه بلالا المؤذن.
وفيها آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين والأنصار، بعد ثمانية أشهر.
وفي السنة الثانية كانت غزوة بدر العظمى في شهر رمضان. [1] هي أول غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سنة اثنتين من الهجرة، ولم يلق فيها حربا. [2] ينظر خبر الأذان في سيرة ابن هشام: 1- 508. والطبقات الكبرى، الجزء الأول: 2- 7.