قال: «اللَّه أكبر، اللَّه أكبر» ارتجت المدينة، فلما قال: «أشهد أن لا إله إلا اللَّه» زادت رجتها، فلما قال: «أشهد أن محمدًا رَسُول اللَّهِ» خرج النساء من خدورهن، فما رئي يَوْم أكثر باكيًا وباكية من ذلك اليوم.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ:
يَا بِلالُ، بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَطُّ إِلا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ [1] أَمَامِي» . وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ غَيْلانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ [2] » .
وكان عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه يَقُولُ: «أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا» يَعْنِي: بِلالًا.
وقال مجاهد: أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة: رَسُول اللَّهِ، وَأَبُو بكر، وخباب، وصهيب، وعمار، وبلال، وسمية أم عمار، فأما بلال فهانت عليه نفسه في اللَّه، عز وجل، وهان عَلَى قومه فأخذوه فكتفوه، ثم جعلوا في عنقه حبلًا من ليف فدفعوه إِلَى صبيانهم، فجعلوا يلعبون به بين أخشبي [3] مكة، فإذا ملوا تركوه، وأما الباقون فترد أخبارهم في أسمائهم.
وروى شبابة، عَنْ أيوب بْن سيار، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنكدر، عَنْ جابر بْن عَبْد اللَّهِ، عَنْ أَبِي بكر الصديق، عَنْ بلال. قال. «أذنت في غداة باردة، فخرج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم ير في المسجد أحدًا فقال:
أين الناس؟ فقلت: حبسهم القر، فقال: اللَّهمّ أذهب عنهم البرد، قال: فلقد رأيتهم يتروحون [4] في الصلاة» . ورواه الحماني، وغيره عَنْ أيوب، ولم يذكروا أبا بكر. قال مُحَمَّد بْن سعد كاتب الواقدي: توفي بلال بدمشق، ودفن بباب الصغير سنة عشرين، وهو ابن بضع وستين سنة، وقيل: مات سنة سبع أو ثماني عشرة، وقال علي بْن عبد الرحمن: مات بلال بحلب، ودفن عَلَى باب الأربعين، وكان آدم شديد الأدمة، نحيفًا طوالًا، أجنى [5] خفيف العارضين.
قال أَبُو عمر: وله أخ اسمه خَالِد، وأخت اسمها: غفيرة [6] ، وهي مولاة عمر بْن عَبْد اللَّهِ مولى غفرة المحدث، ولم يعقب بلال.
أخرجه الثلاثة. [1] الخشخشة: حركة لها صوت. [2] أي: ليتم قراءة الفاتحة قبلها وينظر النهاية لابن الأثير. [3] الأخشبان: جبلا مكة. [4] في النهاية: أي احتاجوا إلى التروح بالمروحة من الحر. [5] الأجنى: من يميل أعلى ظهره على صدره. [6] في الأصل والمطبوعة: عقرة، وينظر ترجمتها في أسد الغابة.