وكان عبد الله والزبير وأبو طالب إخوة لأب وأم أمهم فاطمة بنت عمرو بْن عائذ بْن عمران بْن مخزوم.
وورث النبي صلّى الله عليه وسلم من أبيه أم أيمن وخمسة أجمال وقطيع غنم، وسيفا مأثورا وورقا، وكانت أم أيمن تحضنه.
قال: أخبرنا ابن إسحاق قال: حدثني المطلب بْن عَبْد اللَّه بْن قيس عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه قيس بْن مخرمة قَالَ: ولدت أنا ورسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفيل كنا لدتين قيل: وكان مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لعشر ليال خلون من ربيع الأول، ويقال لليلتين خلتا منه، وقيل لثمان خلون منه عام الفيل، وذلك لأربعين سنة مضت من ملك كسرى أنوشروان بن قباذ، وكان ملك أنوشروان سبعا وأربعين سنة وثمانية أشهر.
ولما ولد ختنه جده عبد المطلب في اليوم السابع، وقيل ولد مختونا مسرورا، وقد استقصينا ذكر آبائه وأسمائهم وأحوالهم في الكامل في التاريخ فلا نطول بذكره هنا فاننا نقصد ذكر الجمل لا التفصيل، ولما ولد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم التمسوا له الرضعاء، فاسترضع له امرأة من بنى سعد بن بكر ابن هوازن بن منصور، يقال لها: حليمة بنت أبى ذؤيب واسمه الحارث، فليطلب خبرها من ترجمتها، ومن ترجمة أخته من الرضاعة: الشيماء، فقد ذكرناهما.
قال ابن إسحاق:
قالت حليمة: «فلم نزل يرينا الله البركة ونتعرفها تعنى برسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بلغ سنتين، فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة فلما رأته قلنا لها: دعينا نرجع به هذه السنة الأخرى فانا نخشى عليه وباء مكة، فسرحته معنا، فأقمنا به شهرين أو ثلاثة فبينا هو خلف بيوتنا مع أخ له إذ جاء أخوه يشتد [1] ، فقال: أخى القرشي قد جاء رجلان فأضجعاه وشقا بطنه، فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه، فنجده قائما ممتقعا لونه، فاعتنقه أبوه وقال: أي بنى، ما شأنك؟ فقال:
جاءني رجلان عليهما ثياب بياض فشقا بطني فاستخرجا منه شيئا ثم رداه فقال أبوه: لقد خشيت أن يكون قد أصيب، فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف، قالت: فاحتملناه فقالت أمه: ما ردكما به فقد كنتما عليه حريصين؟ فقلنا: إن الله قد أدى عنا وقضينا الّذي علينا، وإنا نخشى عليه الأحداث، فقالت: اصدقانى شأنكما، فأخبرناها خبره، فقالت: أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا، والله إني رأيت حين حملت به أنه خرج منى نور أضاءت له قصور الشام، فدعاه عنكما» .
وأرضعته أيضا ثويبة مولاة أبى لهب أياما قبل حليمة بلبن ابن لها يقال له مسروح، وأرضعت قبله حمزة عمه، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد، ولما هاجر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبعث إلى ثوبية بصلة وكسوة حتى توفيت منصرفه من خيبر سنة سبع، فسأل عن ابنها مسروح فقيل: توفى قبلها، فقال: هل ترك من قرابة؟ فقيل: لم يبق له أحد. [1] اشتد في العدو: أسرع.
[أسد الغابة- كتاب الشعب]