إلى بلاد الروم كما أنها لم تنقطع طوال العصر الأموي باستثناء فترات الفتن الداخلية[1].
وقد أسفرت هذه الغزوات البرية عن تأكيد الهيمنة الإسلامية على نواحي كبيرة من آسيا الصغرى، كما أسفرت عن فتح بعض البلاد والحصون البيزنطية في البر، مثل "زبطرة" و"ملطية" و"أنطاكية" وإقليم "أرمينية".
وهكذا بدت غزوات البر والبحر في خلافة معاوية -رضي الله عنه- تمهد للاستيلاء على "القسطنطينية" قلعة الروم المنيعة، التي إذا ما سقطت هي سقطوا هم.
حصار القسطنطينية في عصر بني أمية مدخل
...
حصار القسطنطينية في عصر بني أمية:
كانت "القسطنطينية" الرأس المدبر والمحرك الذي أدار شئون الدفاع البحري عن الدولة البيزنطية وجزرها في حوض البحر المتوسط الشرقي، ولا سيما السواحل الواقعة حول بحر "إيجة" الغني بجزره الممتدة إلى مياه "القسطنطينية" المحلية. وقد أدرك المسلمون أنه لا استقرار لفتوحاتهم إلا بإدخال هذه العاصمة في قائمة الفتوحات، كما تم لهم من قبل الاستيلاء على "المدائن" عاصمة الفرس[2].
وبعد تمهيد طويل بواسطة حملات برية على آسيا الصغرى وصل بعضها إلى "القسطنطينية" -ومحاولات أخرى بحرية خرجت من القواعد الإسلامية البحرية على سواحل الشام ومصر- أحس المسلمون أنهم وصلوا إلى درجة جيدة من الخبرة بالطريق إلى "القسطنطينية" برا وبحرا، وأنهم يستطيعون غزوها والاستيلاء عليها والقضاء على دولة الروم. ولقد قدر للمسلمين القضاء على الدولة البيزنطية في عصر بني أمية لتغير وجه التاريخ تماما، ولكن فشل محاولاتهم الأولى في العصر الأموي أتاح لهذه الدولة حياة امتدت قرابة تسعة قرون. وعندما دخل الأتراك العثمانيون "القسطنطينية" "سنة 857هـ" كانت دولة الروم قد أتمت رسالتها التاريخية التي كان لها أبعد الأثر على مسيرة الإسلام في شرق أوروبا، بل في تاريخ أوروبا كلها.
وسنوجز فيما يلي الكلام على أكبر محاولات المسلمين لفتح "القسطنطينية" وهي: [1] راجع: تاريخ خليفة بن خياط "ص205-227"، تاريخ الطبري "5/ 172، 181، 212، 227، 231، 232، 234، 235، 287، 293، 301، 308، 309، 315، 322". وراجع الثغور البرية الإسلامية على حدود الدولة البيزنطية في العصور الوسطى، للدكتورة علية الجنزوري "ص20-25" "ط القاهرة 1979". [2] د. إبراهيم العدوي: الأمويون والبيزنطيون "ص92، 93".