ظهر إلى الوجود أسطول إسلامي كبير نجح معوية به في فتح جزيرة "قبرص" "28هـ" و"33هـ". وجزيرة "أرواد" -الواقعة بالقرب من ساحل الشام بين "جبلة" و"طرابلس"- "سنة 28-29هـ"، وجزيرة "رودس" "سنة 33هـ"، وهي أهم جزر "بحر إيجة". وتوج حملاته البحرية بغلق بحر إيجه وسد منافذ الرئيسية في وجه السفن البيزنطية، ومنعها من الوصول إلى بلاد المسلمين، وذلك بالاستيلاء على جزيرة "إقريطش" "كريت". كما أنه هزم الأسطول البيزنطي في موقعة ذات الصواري "سنة 34هـ" التي سبق الحديث عنها قبل قليل.
وهكذا وجه معاوية أنظار المسلمين شطر البحر المتوسط، وأوقفهم على أهمية جزره، فاستولى على ما استطاعت أساطيله أن تفتحه منها، وطرق باب غيرها ممهدا الطريق لمن يأتي بعده من الخلفاء الأمويين، وكفل للمسلمين قوة بحرية نافست البيزنطيين سيادتهم القديمة على البحر المتوسط، ثم أخذ يعبئها لأهم عمل في تاريخها، وهو ضرب عاصمة البيزنطيين أنفسهم، والاستيلاء عليها[1]. [1] الأمويون والبيزنطيون، للدكتور إبراهيم العدوي "ص92".
منطقة الثغور الشامية وأهميتها في توسيع الفتوحات بآسيا الصغرى "الأناضول":
ولقد ارتبط بنشاط معاوية البحري وتحصين المدن الساحلية بالشام: القيام بمجهودات أخرى لحماية أطراف الشام الشمالية من إغارات البيزنطيين، وكانت الفتوحات الإسلامية الأولى للشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد وصلت إلى "أنطاكية" و"حلب" و"قنسرين". وما أن انهزم البيزنطيون وعادوا إلى "آسيا الصغرى ""الأناضول" حتى دخلت المنطقة الشمالية من الشام في حظيرة المسلمين. وقد وضع لها نظام جديد يتفق مع متاخمتها لحدود آسيا الصغرى البيزنطية، إذ وقف المسلمون عند السفوح الجنوبية الشرقية لجبال "طوروس"، على حين تحصين البيزنطيون خلف هذه السلسلة الجبلية في آسيا الصغرى "راجع الخريطة". وأدى هذا الموقف إلى تخوف كل من المسلمين والبيزنطيين من بعضهما البعض، ودفعهما إلى تحويل المنطقة التي تفصل بين ممتلكاتهما إلى خراب موحش لا يشجع أحدا على ارتياده، ونقل كل