دخل رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين، مات خالد بن عرفطة، فقال: لا والله ما مات ولا يموت حتى يدخل من باب هذا المسجد، «يعني باب الفيل» براية ضلالة يحملها [له] حبيب بن عمّار، قال فوثب رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن عمّار وأنا لك شيعة. قال: فإنه كما أقول. فقدّم خالد بن عرفطة «1» على مقدّمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمّار.
قال مالك: حدّثنا الأعمش بهذا الحديث، فقال: حدّثني صاحب هذا الدار- وأشار بيده إلى دار السائب أبي عطاء- أنه سمع عليا يقول هذه المقالة «2» .
قالوا: ولما تم الصلح بين الحسن ومعاوية، أرسل إلى قيس بن سعد بن عبادة يدعوه إلى البيعة فأتى به، وكان رجلا طويلا يركب الفرس المسرف، ورجلاه تخطان في الأرض، وما في وجهه طاقة شعر، وكان يسمى خصي الأنصار، فلما أرادوا أن يدخلوه إليه قال: إني قد حلفت أن لا ألقاه إلّا وبيني وبينه الرمح أو السيف، فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه وبينه ليبر يمينه «3» .
فحدّثني أحمد بن عيسى، قال: حدّثني أبو هاشم الرفاعي، قال: حدّثني وهب بن جرير، قال: حدّثنا أبي عن «4» ابن سيرين عن عبيدة، وقد ذكر بعض ذلك في رواية أبي مخنف التي قدمنا إسنادها، قال:
لما صالح الحسن معاوية، اعتزل قيس بن سعد في أربعة آلاف وأبى أن يبايع، فلما بايع الحسن أدخل قيس بن سعد ليبايع. قال أبو مخنف في حديثه:
فأقبل على الحسن فقال: أنا في حل من بيعتك، قال: نعم، قال: فألقى لقيس كرسي، وجلس معاوية على سريره، فقال له معاوية: أتبايع [يا قيس] ؟ قال: نعم، فوضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية، فجثا معاوية