responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان نویسنده : اليافعي    جلد : 3  صفحه : 98
ومما له من الجلالة والمفاخر ما أتى عليه الجلة الأكابر المشهورون بجلالة القدر والتقدم من علماء العصر، كجمال العلماء المجمع على فضله وجلالته، وعلو منزلته وإمامته، الشيخ أبي إسحاق الشيرازي. قال الإمام أبو سعد السمعاني: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن علي الهمداني: سمعت الشيخ أبا إسحاق الفيروزأبادي يقول: تمتعوا بهذا لإمام، فإنه نزهة هذا الزمان، يعني أبا المعالي الجويني. وقال ابن خلكان في تاريخه: قاد أبو حامد: سمعت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي يقول لإمام الحرمين: يا مفيد أهل المشرق والمغرب؛ نلت اليوم إمام الأئمة. قلت: وكذلك الإمام أبو المعالي المذكور، عظم الإمام أبا إسحاق المذكور، كما تقدم من حمله الغاشية بين يديه. ومن حميد سيرة أبي المعالي أنه كان ما يستصغر أحداً حتى يسمع كلامه مبتدئاً كان، أو منتهياً صغيراً كان، أو كبيراً ولا يستنكف من أن يعزي الفائدة المستفادة إلى قائلها، ويقول: إن هذه الفائدة مما استفدته من فلان، ولا يحتال أحداً أيضاً في التزييف إذا لم يرض كلامه ولو كان أباه أو احداً من الأئمة المشهورين.
قلت: ومن ذلك قوله في بعض المسائل بعد ذكره مقال والده فيها: وهذه زلة من الشيخ يعني والده. وكان من التواضع لكل أحد بمحل، ويتحمل منه الاستهزاء لمبالغة فيه، ومن رقة القلب بحيث يبكي إن سمع بيتاً، أو تفكر في نفسه ساعة، وإذا شرع في حكاية لأحوال، وخاض في علوم الصوفية في فصول مجالسه للغدوات، حتى أبكى الحاضرين ببكائه، وتقطر الدماء من الجفون لزعقاته وإشاراته واحتراقه في نفسه، وتحققه بما يجري من دقائق الأسرار. هذه الجملة نبذ مما عهدناه منه إلى انتهاء أجله. ولما توفي رحمه الله صاح الصائح من كل جانب، وجزع الخلق عليه جزعاً لم يعهد مثله، ولم تفتح الأبواب في البلد، ووضعت المناديل عن الرؤوس عاماً، بحيث ما اجترأ احد على ستر رأسه من الرؤوس والأكابر، وصلي عليه بعد جهد وشدة زحمة، ودفن في داره، ثم نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين، وكسر منبره في الجامع، وقعد الناس للعزاء أياماً. وكان طلبته قريباً من أربعمائة، يتفزقون في البلد نائحين عليه، وكان عمره تسعاً وخمسين سنة. وسمع الحديث من جماعة كثيرة، وله إجازة من الحافظ أبي نعيم الأصبهاني، صاحب حلية الأولياء، وقد سمع سنن الدارقطني من أبي سعيد بن عليك، وكان يعتمد تلك الأحاديث في مسائل الخلاف، ويذكر الجرح والتعديل منها في الرواية، وظني أن آثار جده واجتهاده في دين الله تعالى يدوم إلى قيام الساعة وإن انقطع نسله من جهة الذكور ظاهراً

نام کتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان نویسنده : اليافعي    جلد : 3  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست