ظفرا لم ير مثله، وأصاب ما شاء من ذهب، وكان فيما أصاب جارية أو جاريتان من جنس تسمّيه البربر إجّان، ليس لكلّ واحدة منهنّ إلّا ثدى واحد «1» ثم غزّاه أيضا البحر، ثم انصرف.
وانتقضت البربر على عبيد الله بن الحبحاب بطنجة، فقتلوا عامله عمر بن عبد الله المرادى، وكان الذي تولّى ذلك ميسرة الفقير البربرىّ ثم المدغرىّ، وهو الذي قام بأمر البربر وادّعى الخلافة وتسمّى بها وبويع عليها، ثم استعمل ميسرة على طنجة عبد الأعلى بن جريج الإفريقى، وكان أصله روميا وهو مولّى لابن نصير.
ثم سار إلى السّوس وعليها إسماعيل بن عبيد الله فقتله، وذلك أوّل فتنة البربر بأرض إفريقية.
فوجّه عبيد الله بن الحبحاب خالد بن أبى حبيب الفهرى إلى البربر بطنجة، ومعه وجوه أهل إفريقية من قريش والأنصار وغيرهم، فقتل خالد وأصحابه لم ينج منهم أحد، فسمّيت تلك الغزوة غزوة الأشراف. ويقال إن خالدا لقى ميسرة دون طنجة، فقتل ومن معه.
ثم انصرف ميسرة إلى طنجة، فأنكرت عليه البربر سيرته وتغيّره عمّا كانوا بايعوه عليه، فقتلوه، وولّوا أمرهم عبد الملك بن قطن المحاربىّ.
حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: كان بين ميسرة الفقير وأهل إفريقية من البربر «2» .... وقتل إسماعيل بن عبيد الله وخالد بن أبى حبيب فى سنة ثلاث وعشرين ومائة.
فوجّه إليهم ابن «3» الحبحاب حبيب بن أبى عبيدة، فلما بلغ تلمسين أخذ موسى ابن أبى خالد مولى لمعاوية بن حديج، وكان على تلمسين، وقد اجتمع إليه من تمسّك بالطاعة، فاتّهمه حبيب أن يكون له هوّى أو قد دسّ للفتنة، فقطع يده ورجله، وكان مقيما بتلمسين فى جيشه، وقفل عبيد الله بن الحبحاب إلى هشام بن عبد الملك وذلك فى جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين ومائة.