غزا المغرب بعث ابنه مروان على جيش، فأصاب من السبى مائة ألف، وبعث ابن أخيه فى جيش آخر فأصاب مائة ألف. فقيل لليث بن سعد، من هم؟ فقال: البربر. فلما أتى كتابه بذلك «1» ، قال الناس: ابن نصير والله أحمق، من أين له عشرون ألفا يبعث بها إلى أمير المؤمنين فى الخمس؟ فبلغ ذلك موسى بن نصير فقال: ليبعثوا «2» من يقبض لهم عشرين ألفا.
ثم توفّى عبد الملك بن مروان، وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوّال سنة ستّ وثمانين، واستخلف الوليد بن عبد الملك، فتواترت فتوح المغرب على الوليد من قبل موسى ابن نصير، فعظمت منزلة موسى عنده، واشتدّ عجبه به.
ذكر فتح الأندلس
قال: ووجّه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها، فجهد هو وأصحابه، فانصرف، وخلّف على جيشه طارق بن عمرو، وكانوا ألفا وسبعمائة. ويقال بل كان مع طارق اثنى عشر ألفا من البربر إلّا ستّة عشر رجلا من العرب، وليس ذلك بالصحيح. ويقال إن موسى بن نصير خرج من إفريقية غازيا إلى طنجة، وهو أوّل من نزل طنجة من الولاة، وبها من البربر بطون من البتر والبرانس ممّن لم يكن دخل فى الطاعة، فلما دنا من طنجة بثّ السرايا فانتهت خيله إلى السوس الأدنى، فوطئهم وسباهم، وأدّوا إليه الطاعة، وولّى عليهم واليا أحسن فيهم السيرة، ووجّه بسر بن أبى أرطاة إلى قلعة من مدينة القيروان على ثلاثة أيّام، فافتتحها، وسبى الذرّيّة وغنم الأموال. قال: فسّميت قلعة بسر، فهى لا تعرف إلّا به إلى اليوم.
ثم إن موسى عزل الذي كان استعمله على طنجة، وولّى طارق بن زياد، ثم انصرف إلى القيروان، وكان طارق قد خرج معه بجارية له يقال لها أمّ حكيم، فأقام طارق هنالك مرابطا زمانا، وذلك فى سنة ثنتين وتسعين.
وكان المجاز الذي بينه وبين أهل الأندلس عليه رجل من العجم يقال له يليان صاحب سبتة، وكان على مدينة على المجاز إلى الأندلس يقال لها الخضراء-