ويقال إن عبد العزيز بن مروان لما ولى مصر كتب إلى زهير بن قيس، وزهير يومئذ ببرقة، يأمره بغزو إفريقية، فخرج فى جمع كثير، فلما دنا من قونية وبها عسكر كسيلة ابن لمزم عبّأ زهير لقتاله، فخرج إليه، فاقتتلا، فقتل كسيلة ومن معه، ثم انصرف زهير قافلا إلى برقة.
ويقال بل حسّان بن النعمان الذي كان وجّه زهير بن قيس والله أعلم.
وكان مقتل كسيلة كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد فى سنة أربع وستين.
حسان بن النعمان: ثم قدم حسّان بن النعمان واليا على المغرب، أمّره عليها عبد الملك بن مروان فى سنة ثلاث وسبعين، فمضى فى جيش كبير حتى نزل أطرابلس، واجتمع إليه بها من كان خرج من إفريقية وأطرابلس، فوجّه على مقدّمته محمد بن أبى بكير، وهلال بن ثروان اللّواتى، وزهير بن قيس، ففتح البلاد، وأصاب غنائم كثيرة.
وخرج إلى مدينة قرطاجنة، وفيها الروم، فلم يصب فيها إلا قليلا من ضعفائهم.
فانصرف، وغزا الكاهنة، وهى إذ ذاك ملكة البربر، وقد غلبت على جل «1» إفريقية، فلقيها على نهر يسمّى اليوم نهر البلاء، فاقتتلوا قتالا شديدا، فهزمته، وقتلت من أصحابه وأسرت منهم ثمانين رجلا، وأفلت حسان ونفذ من مكانه إلى أنطابلس، فنزل قصورا من حيز برقة فسمّيت قصور حسّان. واستخلف على إفريقية أبا صالح، وكانت أنطابلس ولوبية ومراقية إلى حدّ أجدابية من عمل حسان.
فأحسنت الكاهنة إسار من أسرته من أصحابه وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بنى عبس، يقال له خالد بن يزيد، فتبنّته وأقام معها. فبعث حسّان إلى خالد رجلا، فأتاه، فقال له: إنّ حسان يقول لك، ما يمنعك من الكتاب إلينا بخبر الكاهنة؟ فكتب خالد ابن يزيد إلى حسان كتابا وجعله فى خبزة ملّة، ثم دفعها إلى الرسول ليخفى فيها الكتاب، وليظنّ من رأى الخبزة أنها زاد الرجل. فخرجت الكاهنة وهى تقول: يا بنىّ، هلاككم فيما تأكله الناس؛ فكرّرت ذلك.
ومضى الرسول حتى قدم على حسان بالكتاب، فيه علم ما يحتاج إليه؛ ثم كتب