حدثنا عبد الله بن معشر الأيلى: أن مروان بن الحكم أقبل من إفريقية، أرسله عبد الله بن سعد، ووجّه معه رجلا من العرب من لخم أو جذام- شكّ عبد الرحمن قال: فسرنا حتى إذا كنّا ببعض الطريق قرب الليل، فقال لى صاحبى: هل لك إلى صديق لى هاهنا؟ قلت: ما شئت. قال: فعدل بى عن الطريق حتى أتى إلى دير، واذا سلسلة معلّقة، فأخذ السلسلة، فحرّكها، وكان أعلم منّى، فأشرف علينا رجل، فلما رآنا فتح الباب، فدخلنا، فلم يتكلّم حتى طرح لى فراشا ولصاحبى فراشا، ثم أقبل على صاحبى يكلّمه بلسانه، فراطنه حتى سؤت ظنّا، ثم أقبل علىّ، فقال: أيّ شىء قرابتك من خليفتهم؟ قلت: ابن عمّه. قال: هل أحد «1» أقرب إليه منك؟ قلت: لا، إلا أن يكون ولده. قال: صاحب الأرض المقدّسة أنت؟ قلت: لا. قال: فإن استطعت أن تكون هو فافعل؛ ثم قال: أريد أن أخبرك بشىء وأخاف أن تضعف عنه. قال: قلت: ألى تقول هذا؟ وأنا أنا. ثم أقبل على صاحبى فراطنه «2» ، ثم أقبل علىّ فساءلنى «3» عن مثل ذلك، وأجبته بمثل جوابى، فقال: إن صاحبك مقتول، وإنّا نجد أنه يلى هذا الأمر من بعده صاحب الأرض المقدّسة، فإن استطعت أن تكون ذلك فافعل، فأصابتنى لذلك وجمة.
فقال لى: قد قلت لك إنى أخاف ضعفك عنه. فقلت: وما لى لا يصيبنى، أو كما قال، وقد نعيت إلىّ سيّد المسلمين وأمير المؤمنين.
قال: ثم قدمت المدينة فأقمت شهرا لا أذكر لعثمان من ذلك شيئا، ثم دخلت عليه وهو فى منزل له على سرير، وفى يده مروحة، فحدّثته بذلك؛ فلما انتهيت إلى ذكر القتل بكيت وأمسكت. فقال لى عثمان: تحدّث، لا تحدّثت. فحدّثته، فأخذ بطرف المروحة يعضّها أحسبه، قال عبد الرحمن: واستلقى على ظهره، وأخذ بطرف عقبه يعركه، حتى ندمت على إخبارى إياه، ثم قال لى: صدق وسأخبرك عن ذلك، لمّا غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم تبوك، أعطى أصحابه سهما، وأعطانى سهمين، فظننت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم إنما أعطانى ذلك لما كان من نفقتى فى تبوك، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: إنك أعطيتنى سهمين، وأعطيت أصحابى سهما سهما، فظننت أن ذلك لما كان من نفقتى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا. ولكن أحببت أن يرى الناس مكانك منى أو منزلتك منى،