نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 462
وبقي الأمر على هذا إلى ليلة عيد الفطر، وطلعت زوجته إلى بيت بيبرس، ودخلت على أهله في أمر زوجها ناصر الدين، وتكلمت امرأة الأمير بيبرس معه في أمره، فوعد لها بأن يتكلم في خلاصه، ولما جلست الأمراء في الشباك، وهنّوا نائب السلطان سلاراً، فتح الأمير بيبرس معه الكلام في أمره وقال: هذه ليلة العيد، تصدّق على هذا المسكين وارسم بخلاصه. فقال له سلار: يا أبي أنت غافل عما فعل هذا، والله والله أنت تعلم محلك عندي، لو كان هو إلى اليوم باقياً في الوزارة ما كنت أنا ولا أنت في الحياة، وأنا أعرفك به، فإن كان ذهبه يسيراً وأمرت لي بخلاصه أخلّصه، ثم شرع يحدثه ما فعله في غيبته، وكيف راح إلى الإسكندرية، وكيف اجتمع مع السلطان وتكلم معه شيئاً كثيراً، ومن جملة ما قال: أش هم هؤلاء وأراد به إيانا، فأي وقت اشتهيت مسكتهم مثل الكلاب، واتفق معه على أمور كثيرة في الفساد والإيقاع بنا، وجسّر السلطان على أمور ما كانت في نفسه، وهذا الرجل قد قصد فتنة كبيرة بين المسلمين، والله عز وجل يقول: " والفتنة أشد من القتل ". فإن كنت تختار أن نطلقه، نفرج عنه، قد عرفتك ذنبه، فلما سمع بيبرس ذلك منه تحقق أن سلار ما يفعل كذباً. فقال له: من يرمي فتنة بين المسلمين يستحق هذا وأنحس منه، ثم قام من عنده وشرع في تجهيزه إلى الحجاز الشريف.
ولما استهل شهر ذي القعدة: ركب الأمير بيبرس والأمراء صحبته، وأمر لمشد الدواوين بعقوبة ناصر الدين المذكور وضربه بالمقارع، فأقام يعاقبه سبعة أيام، وتوفي بعدها من ألم الضرب، وكان فيه عصبية ومروءة وأريحية، وكان ينبعث للخير، وله كتابة حسنة، ومعرفة بالحساب.
قال صاحب النزهة: وكان أصله من بلادماردين، وكان قدم إلى الديار المصرية مع رسل السلطان أحمد وقاصد صاحب ماردين، وكان ماشياً طول الطريق فقيراً، ثم عمل صنعة الأقباع في مصر في دكان أشهراً، ثم عمل جندياً شاداً في موضع، وصار يكثر التردّد إلى خدمة الحسام يرتاق مشدّ الكيالة مدة طويلة إلى أن عرف الدخل والخرج، ثم ضمن ساحل الغلة وفاض معه جملة، ثم خدم الصاحب ابن الخليلي وبعض الأمراء، وقدم لهم الهدايا والتقادم، وأرغب حكام الدولة إلى أن تولى مشد الدواوين، ومنه تنقل إلى شدّ الأعمال الخيرية، ثم إلى الطبلخاناة، وعمل ولاية القاهرة مضافاً للجيزة، ثم انتقل إلى الوزارة، ومنها كان هلاكه. ذكر تولية ابن عطايا الوزارة
قد ذكرنا أن سلاراً شاور الأمراء في منصب الوزير، واتفق رأيهم على تولية القاضي سعد الدين محمد بن عطايا، وكان ناظراً بديوان البيوت السلطانية، وله إلمام بالأمير علم الدين الجاولي من جهة أستادرية الدار، ففوضت إليه الوزارة، وخلع عليها، وحملت إليه دواتها وبغلها، وكانت مباشرته لها في الثاني عشر من شهر رمضان.
وقال ابن كثير: وتولى ابن عطايا الوزارة بعناية علم الدين سنجر الجاولي، وجلس يوم الأربعاء الثاني عشر من شهر رمضان.
وقال النويريّ: رأيت الصاحب شمس الدين بن عطايا قبل وزارته بثلاثة أيام قائماً بين يدي علم الدين سنجر يقرأ عليه ورقة حساب، ورأيته يوم جلس في الوزارة والأمير سنجر الجاولي جالس بين يديه، وقد وقع الصاحب وكتب علم الدين بالامتثال وذيل على خطه، وكان علم الدين المذكور أستاذ الدار.
ذكر حج الأمير بيبرس
حج الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصوري وصحبته جماعة من الأمراء وهم: الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار، والأمير يعقوبا، وآخرون من الأمراء، وأولاد الأمراء، وتسامعت الناس بحج الأمير ركن الدين بيبرس وكثروا، فاجتمع عالم كثير إلى أن خرج المحمل إلى البركة، ورأى أمير الركب خلقاً كثيراً لم يعهد الناس مثلهم، واجتمع رأي الأمراء على أن يكون الحج ثلاث ركوب: ركب صحبة الأمير بيبرس الدوادار، وركب صحبة الأمير بهاء الدين يعقوبا، وركب صحبة الأمير عز الدين أيبك الخزندار، وتأخر الأمير ركن الدين بيبرس إلى العشر الأخير من شوال، ثم قصد أن يسافر مع الحاج وعرض له أمر أخره إلى أن سافر مستهل ذي القعدة على الهجن مخففاً.
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 462