نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 372
ولما انقضى الأمر على هذا الوجه وعلموا مقصود الشيخ اقتضى رأيهم أن ناصر الدين الشيخي متولي القاهرة ينزل ويستعلم حال التجار وأرباب الأموال وينظر في أمرهم، ويأخذ من كل واحد مقدار ما يطيقه على قدر حاله، ثم بعد أيام قال ناصر الدين المذكور للأمراء: نحن نجني من المدينة ونواحيها، ونسير إلى ولاة الأقاليم كل إقليم يرتب عليه شيء ونسميه مقرّر الخيالة، فقالت الأمراء: هذا فيه شنعة كبيرة، وفيه شطط وعنف، والمصلحة أن يكون المقرر على كل أردب غلة خرّوبة، وفي القماش والسلع يؤخذ نصف السمسرة، ومعنى ذلك أن المنادي إذا باع قطعة قماش أو غيرها فإن له فيها درهمين فيكون الدرهم من ذلك باسم السلطان والدرهم الآخر للمنادي، والأردب إذا طلع للطحان يكون عليه خروبة، ومهما تحصل من هاتين الجهتين يستخدم به البطالون، فقرّر ذلك على هذا الوجه واستخدم به نحو مائتي نفر، ثم بعد ذلك شرعوا في طلب التجار من القياسر والدكاكين، واعتبر حال كل واحد منهم من قدرته وسعة ماله، فمنهم من حمل مائتي دينار، ومنهم من حمل مائة وخمسين وأربعين وثلاثين وعشرين وعشرة، واقترضوا أيضاً من التجار الكبار مما يأتي عليهم من الحقوق التي كانت توجد منهم، فانجمع من ذلك أموال عظيمة وصار يحمل أوّلاً فأولا إلى أن جمعت في بيت المال، ثم بعد ذلك شرعوا في النفقات. ذكر خروج السلطان إلى الصالحية
قال بيبرس في تاريخه: وفي العشر الأوائل من شهر رجب من هذه السنة تجهز السلطان، والأمير سيف الدين سلار، والأمير ركن الدين الأستاذ الدار، وخرجوا بالعساكر الإسلامية، ولما وصلوا إلى الصالحية أقام السلطان بها وتوجه الأميران بالعساكر لتدبير البلاد وإصلاح ما استحكم بها من الفساد، واستصحبوا نواب الممالك الشامية وعساكر البلاد الإسلامية ليرتبوا كلاً منهم في مكانه ويعمروا كل بلد شغر من سكانه، وينظروا في المصالح التي يجب النظر فيها، ويتلافوا الأحوال التي ينبغي تلافيها، ورحلوا في الثاني والعشرين من رجب الفرد، فلما وصلوا إلى منزلة سكرير راسوا الأمير سيف الدين قفجق والأمير سيف الدين بكتمر السلحدار والأمير فارس الدين ألبكي في الحضور إلى الخدمة والطاعة، والانتظام في سلك الجماعة وتوثقوا منهم وحضروا إليهم بمنزلة سكرير، فأرسل الأمراء الأمير بدر الدين بكتوت الجوكندار المعروف بالفتاح على خيل البريد إلى الدهليز المنصور مخبراً بمهاجرتهم وحسن إنابتهم، فابتهجت بذلك الخواطر وضربت البشائر.
وفي العاشر من شعبان: وصلوا إلى الوطاق، فركب السلطان لتلقيهم، وبالغ في إكرامهم والإحسان إليهم، ورحل عائداً إلى القلعة، فوصلها رابع عشرة، وأسكنهم في القلعة، وأجرى عليهم الإقامات، ووصلهم بأجزل الصلات.
وأما الأميران سيف الدين سلار وركن الدين أستاذ الدار فإنهما دخلا دمشق، ورتبا أحوالها. وسدّدا اختلالها، وأقرا الأمير جمال الدين أقوش الأفرم في وظيفته على قاعدته، وفوضا إلى الأمير زين الدين كتبغا نيابة السلطنة بحماة، وأولياه إحساناً، ورتبا الأمير سيف الدين قطلوبك بطرابلس والفتوحات والسواحل، عوضاً عن الأمير سيف الدين كرت المستشهد في الوقعة، وأرسلا الأمير شمس الدين قراسنقر الجوكندار إلى حلب ليباشر النيابة بها بحكم إعفاء الأمير سيف الدين بلبان الطباخي منها، وأعاد كل قوم إلى وظيفتهم، وطيبا خواطر نواب الحصون، وأحسنا إلى من اعتمد المناصحة منهم، ثم عادا إلى الديار المصرية، فوصلا في العشر الأول من شوال. وعند وصولهما عينا للأمير سيف الدين قفجق نيابة الشوبك، وللأمير سيف الدين بكتمر السلحدار إمرة بالديار المصرية وتقدمة ألف فارس من العساكر الإسلامية. وللأمير فارس الدين ألبكي طبلخاناة بدمشق، واستقر الأمير سيف الدين بلبان الطباخي بالديار المصرية بخبز الأمير سيف الدين كرتيه المتوفي إلى رحمة الله.
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 372