نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 219
وكان السلطان المنصور قد جرد جماعةً من الأمراء ليقيموا بجينين، وقدم عليهم أميرا يسمى سنقر يعرف بالمساح، وأمره أن يركب كل يوم بالعسكر إلى مقابل حصن عكا، ويحفظوا الساحل والتجار خشيةً من أهل عكا، فإنهم كانوا قد نقضوا الهدنة بينهم وبين السلطان، وتعرضوا للسفارة من التجار وغيرهم، وكان يجرى بينه وبين أهل عكا كل وقت حروب ووقائع، وهو ينتصر عليهم، فوشى به الواشي إلى الأشرف بأنه كان منتميا إلى طرنطاى، وكان الأمير بدر الدين بكتوت العلائي مجردا على حمص، قد كان المنصور جرده مع جماعة من الأمراء، فأرسل إليه الأشرف أن يحضر ويجعل طريقه على جينين، ويحتال على قبض المساح، ويسيره إلى سجن صفد، ثم يحضر إلى مصر وصحبته الأمراء، وكان العلائي هذا له خدمة سابقة مع الأشرف في حياة والده، فلما وصل إليه الخبر ركب بمن معه إلى أن وصل دمشق، ثم خرج منها إلى أن وصل إلى جينين وسمع به المساح، فركب إلى لقائه مع الأمراء الذين معه وتلقوه، ولما نزلوا قدم طعام فأكلوا، وخرجت الأمراء وبقى المساح، فأخرج إليه العلائي مرسوم الأشرف وقرأه عليه، وتقدمت مماليكه وأخذوا سيفه، وأركبه من وقته على خيل البريد وصحبته أميران، فأوصلاه إلى سجن صفد، ثم رحل العلائي بمن معه إلى أن وصل إلى مصر، فحضر بين يدي الأشرف وأكرمه وغير إقطاعه، وكان ذلك في أوائل صفر.
وفي سابع صفر قبض الأشرف على الأمير سنقر الأشقر، وسيف الدين برمك الناصري، وأفرج عن الأمير زين الدين كتبغا، وكان قد مسك مع طرنطاى، كما ذكرناه، ورد عليه إقطاعه، ثم شرعوا في الخروج إلى جهة عكا.
قال ابن كثير: جاء البريد إلى دمشق في مستهل ربيع الأول لتجهيز الآلات بسبب حصار عكا، ونودي بدمشق الغزاة في سبيل الله إلى عكا، وبرزت المجانيق إلى ناحية الجسورة، وخرجت العامة والمطوعة يجرون العجل، حتى الفقهاء والمدرسون والصلحاء، فتولى سياقها علم الدين سنجر الدواداري، وخرجت العساكر المنصورة بين يدي نائب الشام، وخرج في إثرهم النائب حسام الدين لاجين السلحدار، ولحقه صاحب حماة الملك المظفر بن الملك المنصور، وصحبته مجانيق وزردخاناه، ووصل نائب طرابلس الطباخى، وصحبته عسكر طرابلس، وتوجه الجميع إلى حصن عكا.
ذكر خروج الأشرف
خرج الأشرف من مصر في الرابع من ربيع الآخر بعساكره قاصدا عكا، فوافى الجيش هناك، فنازلوها يوم الخميس التاسع عشر من ربيع الآخر.
وفي تاريخ ابن كثير: فنازلها يوم الخميس رابع ربيع الآخر، فهذا يدل على أن خروجه كان في ربيع الأول، والله أعلم.
وذكر في نزهة الناظر: أن السلطان الأشرف رسم قبل خروجه أن ينقل والده المنصور إلى تربته في القبة التي أنشأها بين القصرين، فجرجت سائر الأمراء ونائب السلطنة والشجاعي والوزير صلاة العشاء الآخرة ومشى الجميع قدام تابوته إلى جامع الأزهر، وحضر القضاة والمشايخ والفقراء، وتقدم قاضي القضاة تقي الدين وصلى عليه، ثم ذهبوا به إلى المدرسة، وكانت ليلة عظيمة.
وبعد أيام خرج الدهليز والعسكر في مستهل ربيع الأول، ولما استقر، رسم للوزير والنائب بأن يدخلا المدينة ويعملا ختمة لوالده فركبا ليلة الجمعة وعملا ختمة هائلة، وعملا أطعمة عظيمة، وتصدقا على الفقراء والمساكين بصدقات كثيرة.
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 219