نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 212
ولما كانت الجمعة الثانية، ركب إلى القلعة، وجلس مع السلطان في المقصورة إلى وقت الخطبة، فصعد المنبر وخطب، فقال: الحمد لله الذي جعل من لدنا سلطانا نصيرا، وكان فضل الله به على الإمامة فضلا كبيرا، سبب أسباب النصر والظفر، وقرب أمر الفتوحات بخير زمان كان ينظر؛ والصلاة على سيدنا محمد خير البشر، وعلى آله وصحبه صلاة متوالية في العشيات والبكر، اعلموا وفقكم الله يا أنجاد الإسلام وحماته، ويا شجعانه وكماته، إن الله سهل لكم نصرا عزيزا فانتهزوا فرصه، واجعلوا في أيام هذا السلطان بشارة تقص على البلاد والعباد أحسن قصصه، واخلصوا النيات في الجهاد، وتعاونوا على ميعاد الظفر بالوفاء، " إن الله لا يخلف الميعاد "، اللهم أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها علي وعلى والدي، وأجب اللهم دعائي في المحسن للإسلام وإلي، وهو السلطان الملك الأشرف الذي سخرت له تأثيرات الفلك، فاجعله اللهم مالكا حيث ما سلك، وامنحه بنصرك إياه تفتح عليه ممالك الأرض وأبوابها، واجعل دار الإسلام دار السلام ومنابر الخلافة بها، وانصر اللهم جنده، وانجز له وعده، وارض عن والده السلطان الأجل الملك المنصور الذي جاهد في الكفار جهده، وجعل الملائكة الكرام في تأييده جنده، ثم دعى للسلطان وللمسلمين، ونزل وأم بالناس وصلى.
ذكر القبض على الأمير حسام الدين طرنطاي
لما استقر الملك الأشرف في السلطنة، وقف الأمير حسام الدين بين يديه معتقدا أنه يعتمد عليه، ويفوض الأمور - كما كانت في حياة والده - إليه، وكان خاطر السلطان منه أثرة عظيمة قديمة من زمن والده، وكان يتوهم فيه أنه يمنعه أكثر مقاصده، مع ما يتفوه به الوشاة، وكان الشجاعي أيضا يكرهه لما جرى عليه بسفارته من العزل الذي ذكرناه، واتفق مع ذلك نفار الخاصكية منه، فرأوا السلطان نافرا من جهته، فحسنوا له القبض عليه.
فلما كان يوم الجمعة الثاني عشر من ذي القعدة استدعاه السلطان إلى بين يديه، فدخل آمنا مطمئنا لا يخشى ريب الزمان ولا يتوقى طارق الحدثان، قائلا في نفسه: إنه نظام الملك وقوامه، وبيده تدبيره وزمامه، ولم يدر بما كنت له النائبات، ونصبت له من أشراكها الحادثات، فلما مثل بين يديه، وضعت الأيدي عليه. وحمل إلى الاعتقال على أسوء الأحوال، فكان كما قيل في قول الشاعر:
حسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتى به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
وندب الشجاعي للحوطة على أمواله وذخائره.
وحكى الأمير نجم الدين أبو المعالي: أن الحوطة لما وقعت على دار طرنطاى عند مسكه أخرج من بيته ستمائة ألف دينار عين، ومائة وسبعون قنطارا فضةً، وأما الأواني الفضية، والكفت، والخيل، والبغال، والهجن، والجمال، والأبقار، والحواصل، فهي أكثر من أن تذكر، ومن الغلال مائتا ألف أردب، ومن القماش شيء كثير من جملته: أربعمائة وعشرون ثوبا أطلس، منها: أطلس أحمر متدلى مائة وثمانون ثوبا، ومنها: أطلس أصفر مائتان وستون ثوباً، قيمة كل ثوب ألف وخمسمائة، وألف وسبعمائة، ومن أصناف السلاح: ثلاثمائة وتسعون قرقلا، ومائة وثمانون جوشنا مسقطا، وأربعمائة وستون بركستوانا، ومائتان وستون طارقة مسقطة، وثلاثمائة سيف، وألف وستمائة صندوق من النشاب، ومن المواشي: أربعة آلاف رأس من الغنم، وألف وثمانمائة رأس من البقر في الدواليب والزروعات، ووجد له أربعمائة وثمانون مملوكا، فأدخل الجميع في بيت السلطان وتأمر منهم جماعة وكانوا يعرفون بالحسامية.
ويقال: لما رسم السلطان للشجاعي بأن ينزل ويحتاط على بيت طرنطاى وموجوده، فنزل وهو فرحان بما ساعده الزمان، وناهيك من عدو أمكنه الظفر وحكمه القضاء والقدر، فأظهر في عدوه العبر، وأخذ صحبته شهود بيت المال، وأوقع الحوطة على سائر حواصله، وقبض على مماليكه، ورسم على مباشريه، وكتب الكتب لسائر البلاد بالحوطة على موجوده، وأخرج سائر خزائنه وخدامه وجواريه، فأحضر لهم المعاصير، وجعل يقررهم على موجوده وأمواله، فصار الشجاعي ينزل كل يوم إلى بيت طرنطاى ويستعرض حاشيته ويعاقبهم، فأخرج ما ذكرنا من الأموال.
وذكر في نزهة الناظر في دولتي المنصور والناصر:
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 212