نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 186
بقوة الله تعالى باقبال قان فرمان أحمد، إلى سلطان مصر، أما بعد: فالذي يجب على العاقل: بذل الجهد وترك الإهمال والتواني، واستنفاد الوسع في اقتناء الذكر الباقي، ألا وهو العمر الثاني، وقد انحصر الثناء الجميل، والثواب الجزيل، في التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله، واستعمال العدل والنصفة المندوب إليها، وأي عدل ونصفة أعظم قدرا وأعلى ذكرا في سائر الأصقاع والممالك من إنقاذ الأنفس بجريعة الدقن من المهالك، وإطفاء ناثرة أكباد حرى، وقلوب جرحى، ومن أحباها فكأنما أحيى الناس جميعا، ولما لم يكن لنا بفضل الله العظيم وإحسانه الجسيم افتقارٌ ولا بغيه، ولم يبق في ضميرنا إرادة ولا منية سوى رفاهية العالم وطمأنينة بنى آدم، خصوصاً الطائفة الإسلامية، وأهل الملة الحنيفيّة أنقدنا الألجية إلى إخواننا توفاى أغا وتودا منكو وغيرهما، ونبّهناهم على أن الملك العقيم الذي ادّخره لنا جدّنا جنكزخان، وآباؤنا الكرام، بعد الصبر على المشقة في تحصيلةه والمقاساة، وتحّمل أعباء الشدائد والمعاناة، بمجرّد النزاع والخصام، وخلاف الوفاق واختلاف الكلام، قد أشرف على شحوب بهجته وبهائه، وتكدير رونق صفاء مائه، والآن آن نستبدل وحشة النزاع بأنس الصلح، ونتعوّض عن غيهب ليله النفار والنقار تباشير الصلح، ونغمد السيوف البواتر التي استلّت من الأغماد، ونعفيّ أثر الهرج والمرج ونعرض عن الاعراض والأحقاد، ونتفق الجميع على القيام بواجب كوج قان وخدمته، والإلتزام بواجب طاعته، والاشتمال بما ينوط بمصلحته، وحيث تأملوا ذلك بعين البصيرة، ورأى من حنكة دوران الفلك، والتجربة، يبينّ لهم أن هذا الرأي محض شور لا يشوبه غش ولا مداهنة، وخالص تنبيه لا يغادره سوى زبدة المناصحة، فقالوا: إن الذي وقع من الخلاف، كان بين من قد قضى نحنه من الآباء والأسلاف، ولم تجر بيننا مخاشنه، ولا وقع خلف ولا مشاحنة، فعدنا على ما كان عليه آباؤنا القدماء الكرام من الانفاق والائتلاف، وحفظ العهد والذمام، والتزمنا أن لا ينحل عقد هذا النظام، والله الموفق للرشاد الهادي إلى السّداد.
ولما تفرغ البال من إصلاح ذات البين، واستحكمت مرائر الائتلاف بين الجهتين، أنقدنا الإيلجيّة بعد النيّة الخالصة لله وللرسول، تسكينا للفتن الثائرة، وإطفاء للهيب تلك النائرة، وحقنا لدماء المسلمين، وسدا لثلمة الدين، فكانت خلاصة جوابه، وزبدة خطابه، عند وقوفه على ما كتب به إليه، أنه لو أنفذ أبونا شيخ الإسلام، قدوة العارفين، كمال الدين عبد الرحمن، لكنت أسكن إلى أمانته، وأخلد إلى ديانته، وأسمع منه ما لم يحتمل إيداعه الكتب، وأشافهه بما عندي من المصالح، وأخاطبه بما ينطوي عليه ضميري للمسلمين من النصائح.
هذا، وغير خاف أنه يعز علينا بعاده، ويوحشنا بينه وفراقه، وربما اتصل به ما نستفيده من حسن معاشرته، وجميل مصاحبته، وحيث كان التماسه موجبالإشاعة الخير العام، وإذاعة شعار الإسلام، رضينا بتوجّهه إلى جهته إسعافا لمقترحه، وجعلناه في اتخاذ العهد واليمين، بدلا عن شمالنا واليمين، ولم يكن بين كلامنا وكلامه بون، إذ هو لنا في أمور الدين نعم العون، والتزمنا بكل ما عساه يسنده إلينا وبما يرلى، ثقة بأنه الناصح الأمين الذي لا ينطق عن الهوى، وربما شرذمة من الجهال من الجهتين، من أهل الشفاق والنفاق، الذين لا تجتمع كلمتهم على الوفاق، تنافي طبائعهم الصلح والاتفاق يريدون أن يطقئوا نور الله بأفواههم ويأبي الله إلا أن يتم نوره، لاختلاف ملتهم، وطمعا في إدراك بغيتهم، فالواجب أ، لا تسمع أقوالهم، وتترك أفعالهم أولئك حبطت أعمالهم.
ومن المعلوم أن كل أمر يمكن اعتمّاده على الوجه الجميل، بحيث تنحسم فيه موادّ القال والقيل، لا ينبغي أن يكون الحال فيه بالضّد خصوصا في الخطب الإدّ، والأمر الجدّ الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وكتب في أوائل ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وستمائة بمقام تبريز، والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
فخلع السلطان عليهم وأحسن إليهم، ثم أعلمهم بوفاة مرسلهم بعد ذلك.
وشرع السلطان في الخروج إلى جهة المرج والإقامة به الصيد، وبذل الخلع والإنعام، وذلك كان دأبه مدّة قيامه بالشام. ذكر بقية الحوادث
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 186