نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 157
ثم إن الخاصكية الجوانية ومماليك بدر الدين الخزندار لكراهتهم للأمير شمس الدين آفسنقر الفارقائي وظنهم أنه عمل على أستاذهم منصبه اتفقوا على إمساكه، وأءتمروا على إهلاكه وحسنوا ذلك للسلطان، وبعثوه عليه، واستعانوا بسيف الدين كوندك الساقي، وكان الملك السعيد قد قدمه وعظمه، لأنه ربى معه في المكتب، فامتدّت أطماعه إلى أن يكون عوضا عن الفارقانىّ في المنصب، فأمسكوا الأمير شمس الدين المذكور وهو قاعد على باب القلة، رسحبوه إلى داخل، وبالغوا في ضربه وأذيته، ونتف لحيته، والإكثار من إهانته لما في أنفسهم من كراهيته، واعتقل بالقلعة، فلم يلبث إلا أياما قلائل حتى مات، وسلم إلى ألزامه ليدقنوه، واستقر بعده في النيابة عن السلطنة الأمير شمس الدين سنقر الألفى المظفرىّ، فلم يرضه الخاصكيّةً فإنه ليس من الظاهرية، واتفق أنه ولىّ خشداشا له يسمى علم الدين سنجر الحموي ويعرف بأبي خرص الأعمال الصفدية وزاده نواحى من خاص الديوان السلطاني على إقطاعه وهي أريحا وكفر نمرين، فأهموا السلطان منه، وزعموا أنه يقصد إقامة المظفرية ولا يؤمن غائلته، فعزله عن قريب وولى سيف الدين كونداك السافى، فمال إلى جانب الأمير سيف الدين قلاون الألفى، واتفق أنه كان تحت حجرة أخت لزوجته، وهي بنت كرمون التترى الذي ذكرنا وفوده إلى الديار المصريّة في سنة إحدى وستين وستمائة، وذلك أن كرمون وصل معه ثلاث بنات له مستحسنات، فتزوج إحداهن الأمير سيف الدين قلاون المذكور، ورزق منها ولده الأكبر علاء الدين على الملقب في سلطنته بالملك الصالح، واحدة كانت متزوجة بواحد من التتار الوافدين، وبقيت الثالثة بكرا ومات أبوها، فأخذها الأمير قلاون عنده، وصارت مع أختها، فخطبها الملك الظاهر ودخل بها، ثم أبانها وأعادها إلى مكانها فخطبها سيف الدين كوندك حين صار نائب السلطنة، فجهزها إليه وزفها عليه، فتمكنت قربته، وتأكدت صحبته.
وتقدم في ذلك الوقت شخص من المماليك السلطانية اسمه لاجين الزبينى، وتميز على أمثاله، وغلب على الملك السعيد في أكثر أحواله، وضم إليه جماعة من الخاصكية واستمالهم بالخشداشية، فأخذ لهم الإقطاعات، واستنجز لهم الصلات، فكان كلما انحل بديوان الجيش المنصور اقطاع لها صورة يسارع إلى أخذها لمن يختار ويحب، وينافس النائب المذكور في الإيراد والإصدار، فتوغرت منهما الصدور، ودبت بينهما عقارب الشرور وبغى كل منهما لصاحبه الغوائل، ونصب أحدهما للآخر الحبائل، وضم إليه كوندك جماعة من أهل السمع له والطاعة، وجعل الأمراء الكبار عمدته واتخذهم عدته، فبقي القوم حزبا له وحزبا عليه، فكان هذا الاختلاف موجبا للفساد والتلاف، ولقد أحسن القائل حيث يقول:
كن آلفالهم ومألوفا لهم ... تقوى وبالتقوى تكون ألوفا
إن السهام إذا انفردن فكس ... رها سهل ويصعب إن جمعن ألوفا ذكر بقية الحوادث في هذه السنة
منها: أنه عتم النيل البلاد في هذه السنة، ورخصت الغلال رخصا لم ير مثله في الدولة التركية حتى بيع الأرب من القمح بخمسة دراهم، والأردب من الشعير بثلاثة دراهم، ومن بقية الحبوب بدرهمين، حتى حكى بعض التجار أنه أحضر إلى مصر ثلاثمائة أردب فول، فأبيعت بخمسمائة درهم نقرة، فأصرف منها أجرة المراكب والحقوق التي عليها، وبقي له خمسة وثمانون درهما.
ومنها: أن في يوم الأثنين رابع جمادى الأولى فتحت مدرسة الأمير شمس الدين آقسنقر الفارقاني بالقاهرة. بحارة الوزيريّة، على مذهب الحنفية، وعمل فيها مشيخة حديث، وقارئ.
وبعده بيوم عقد ابن الخليفة المستمسك بالله بن الحاكم بأمر الله على ابنه الخليفة المستنصر بن الظاهر، وحضر والده والسلطان ووجوه المملكة وكان يوما مشهودا.
ومنها: أن في يوم السبت تاسع جمادى الأولى شرع في بناء الدار التي كانت تعرف بدار العقيقي لعمل مدرسة وتربة للسلطان الملك الظاهر، واستقر أساس التربة في خامس جمادى الآخرة.
ومنها: أن في رمضان طلعت سحابة بمدينة صفد، فلمع منها برق شديد، وسطع منها لسان نار، وسمع صوت شديد هائل، ووقع على منارة صفد صاعقة شفتها من أعلاها إلى أسفلها شقاً يدخل فيه الكفّ
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 157